الخميس, فبراير 6, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرسوريا.. أزمة الوسيط الروسي

سوريا.. أزمة الوسيط الروسي

كشفت التوترات في درعا والجنوب السوري إجمالا عن طبيعة مختلفة للأدوار الدولية، حيث تبقى الاتفاقات “هشة” نتيجة وجودها ضمن هامش تفاهمات عامة، فهي إجراءات “فض اشتباك” بالدرجة الأولى.

هاشتاغ-رأي- مازن بلال

ومحكومة بمناخ إقليمي غير مستقر، فالتوقيع على اتفاق “جنوب غرب سوريا” عام 2017 بين الرئيس بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ كان بداية لكسر حلقة العنف على الحدود بين سوريا و “إسرائيل”، لكنه في نفس الوقت وضع الجنوب السوري إجمالا خارج دائرة التركيز الدولي، فهو فكك شبكة الصراع وأظهر عدم الاهتمام الأمريكي بالقوى في محافظة درعا التي تحارب الحكومة السورية.
عمليا فإن الدور الروسي عمل بشكل نشط لتفكيك بؤر التوتر خلال السنوات الخمس الماضية، وكان ضمنها الاتفاق الخاص بدرعا الذي أعاد سلطة الدولة إلى معبر نصيب الحدودي، وفي هذا الاتفاق مساحة سياسية تتجاوز بنوده التفصيلية؛ فالمسألة بالنسبة لموسكو كانت في استعادة الحياة للحركة بين دمشق ومحيطها، وفي نفس الوقت خلق بيئة تساعد على الاستقرار لدورة الحياة الاقتصادية، لكن المشكلة الرئيسة في هذا الشكل من الاتفاقات يتعلق بنوعية الأدوار للأطراف الموقعة عليه، فهو يحمل أمرين أساسيين:
– اعتبار المنطقة التي يشملها الاتفاق “جغرافية بلا هوية”، فليس هناك سلطة واضحة فيها للدولة ولا للمجموعات المسلحة، بينما تعمل الشرطة العسكرية الروسية على مراقبة الوضع، حيث من المفترض “عودة مؤسسات الدولة” ضمن حالة إدارية وليس كسلطة دولة.
هذه الحالة من التبعية الإدارية لدمشق مع غياب قوة الدولة تتكرر في آلية العمل لعدد المناطق الأخرى، مثل محافظة الحسكة، فهي لا تضمن سوى التهدئة مع عدم وجود حدود ناظمة للأدوار الأخرى، فالقوات الروسية تضمن التوازن لتوفير الخدمات الإدارية للدولة، بينما لا تتضح شرعية الدولة ضمن العلاقات داخل تلك المناطق.
– الأمر الثاني أن كافة الاتفاقيات التي تشرف عليها القوات الروسية المتواجدة في سورية، بما فيها مناطق خفض التصعيد، هي تفاهمات مرحلية لتسهيل الوصول للحل السياسي، حيث يوفر الهدوء من أجل التفاوض، وهذا ما يفسر الدور الروسي كوسيط مع تركيا أو “قسد” أو المجموعات المسلحة في حوران، إلا أن تعثر العملية السياسية يجعل من كافة الاتفاقيات حالة غير فعالة بالنسبة لكافة الأطراف.
كرست الاتفاقات أمرا واقعا محميا بالاتفاقيات وبالتواجد الروسي، وجعل من وجود الشرطة العسكرية الروسية حالة غير واضحة لأنها أصبحت أكثر من وسيط بفعل عملها لضبط التوترات، وفي نفس الوقت فهي لا تدعي امتلاكها لشرعية فرض النظام بالقوة، حيث تمارس دورا يصعب توصيفه، فهي ضامن للاتفاقات ومراقب لسير أمورها ووسيط بين كافة الأطراف، والملاحظ أن التأثير الدولي، بما فيه الروسي، يغير من طبيعة العلاقة القائمة بين المجتمعات المحلية والدولة، فالتفاهمات المرحلية التي تكتسب سمة “الديمومة” نتيجة تعثر الحل السياسي؛ تقوض ممكنات الدولة بالدرجة الأولى، وتدفع المجتمعات المحلية إلى حالة من عدم الاستقرار نتيجة تعدد الشرعيات في مناطق التفاهمات.
في منطقة درعا زمن ضائع على المستوى السياسي، وهو مُعبر واضح على تخبط آليات خفض التوتر، وعلى وصول التفاهمات إلى نقطة حرجة تحتاج لغطاء سياسي بالدرجة الأولى ولوضع أولوية لتحديد الأدوار على المستوى السوري، قبل إيجاد ضامن إقليمي ودولي لاستمرار التفاهمات.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة