الإثنين, مارس 10, 2025
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرالبحث في العلاقات السورية

البحث في العلاقات السورية

يشكل حل ملف الجنوب السوري (حوران) نقطة مفصلية في ترتيب ملفات الأزمة السورية عموما، وليس بعيدا عن هذا الأمر أن الاضطرابات بدأت في مدنية درعا.

هاشتاغ-رأي-مازن بلال

قبل أن تتحول إلى أزمة تطال الجغرافية السورية، فمن الجنوب تتشكل شبكة من العلاقات التي تعتبر حالة جيوستراتيجية بالنسبة لسورية، خصوصا في ظل انتهاء التواصل عبر هضبة الجولان منذ ظهور الكيان الإسرائيلي.
عمليا فإن ملف درعا يطرح مؤشرات إلى نوعية التحولات التي تمر بها الأزمة السورية، فرغم أن تهدئة الوضع في الجنوب لا يعني نهاية الاضطراب بشكل عام إلا أنه يقدم أمرين:
الأول تحول الظروف الخاصة بالعلاقات السورية – العربية إجمالا، فبعيدا عن شعارات “القومية العربية، فإن هذه العلاقات مسؤولة عن التوازن السياسي داخل سورية، وليس فقط في المسائل السياسية العليا.

يمكن النظر هنا إلى أكثر من رمزية الخط الواصل من دمشق باتجاه الحجاز، فالمسألة مرتبطة بتوازن مع القوى التاريخية في المنطقة التي تجسدها اليوم تركيا وإيران، حيث من الصعب رغم كل تحولات الأزمة في سورية وضع حل سياسي لا يراعي هذا التوازن.

في المقابل فإن شكل الدولة لمرحلة ما بعد الاستقلال لم يترك مجالا لإيجاد كتلة موازية لباقي القوى في شرقي المتوسط، وتبدو “إسرائيل” ضمن خارطة المنطقة كواقع يفرض كسر الردع والتوازن، فهي رغم الحزام العربي تمتلك أكبر منفذ بحري على شواطئ شرق المتوسط.

الثاني نموذج التحول في درعا الذي انتقل من القدرة على التهديد إلى عبء على الدول الداعمة له، فبداية الأحداث عام 2011 طرحت الأعمال العسكرية في درعا على أنها الخط الذي سيفتح مجال التحول في سورية، لكنه أصبح عبئا عبر تشتته ضمن ملفات متعددة، ابتداء من اللاجئين وانتهاء بالإرهاب.

كان الدور الروسي المكثف في ملف درعا يحمل إصرارا على تنفيذ “المصالحة”، رغم إمكانية الحسم العسكري، لكن هذا النموذج يشكل ورقة بيد موسكو في التعامل مع مناطق خفض التصعيد في الشمال السوري، وحتى في شمال شرق سورية فيما لو انسحبت الولايات المتحدة، وهذا الأمر يقدم هامش إعادة ترتيب العلاقات السورية، حتى مع تركيا التي بدأت تشكل مسائل حدودها مع سورية ملفات مختلفة تحتاج أنقرة للتعامل معها.

بالتأكيد فإن التوازن في علاقات دمشق العربية سيضمن إعادة رسم العلاقات مع تركيا بشكل أفضل، على الأخص أن دول الخليج تتخوف إجمالا من تأثيرات أنقرة على الكثير من ملفات المنطقة، ورغم أن علاقات أنقرة مع العواصم العربية تشهد انفراجات متعددة وخصوصا في الملف الليبي، إلا أن الموضوع السوري يملك حساسية كونه مرتبط بتماس مباشر مع تركيا، وهو ما يجعل التوازن أساسي في رسم العلاقة مع دمشق.

في درعا اختبار حقيقي لنوعية العلاقات السورية – العربية، فالمسألة ليست في إجراءات المصالحة، بل أيضا في تكريس توازن أساسي يضمن استقرار لأي حل سياسي قادم.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة