قالت صحيفة “العرب” الصادرة في لندن إنه ما من سبب خفي لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب العراقي فاروق يوسف أن المسألة لا تخلو من تحد وقرار شجاع، غير أن ذلك القرار يدخل في إطار الاستقلال الإماراتي ومحاولة القيادة الإماراتية للنأي بعيدا عن الاستثمار الغربي في الأزمة السورية لمناسبة الحرب الروسية في أوكرانيا.
يضيف الكاتب “بالنسبة إلى الإمارات فإن سوريا هي شيء بينما أوكرانيا شيء آخر. وليست روسيا هي عامل مشترك بين الإثنين”.
وقالت الصحيفة إن “غضب المعارضة السورية بسبب تلك الزيارة التي لم تكن سرية ولا تم الإعلان عنها إلا بعد نهايتها لم يكن مبررا بالنسبة إلى الإمارات، فالإمارات تفعل ما تراه مناسبا لها ومنسجما مع سياستها الخارجية إضافة إلى أن المسألة السورية تعتبر شأنا يخص الأمن العربي. ولا يدخل ذلك ضمن أجندة المعارضة المقفلة على محاربة نظام بشار الأسد في محاولة لإسقاطه”، وفقاً للصحيفة.
وذكّرت الصحيفة أن الإمارات لم تلعب دورا سيئا في الحرب السورية، فكانت محايدة بطريقة إيجابية دائما ولم تضع مالها في خدمة المشاريع التي دمرت سوريا. لم تعقد الإمارات صفقات سرية مع المعارضة السورية كما أنها لم تقف مع النظام السوري في معالجاته الأمنية. كان سجلها أبيض في تلك المسألة الشائكة”.
وتابعت: “لم تكن الإمارات تبحث عن مكاسب مرتجلة على مستوى إرضاء الغرب. فهي تعرف جيدا أن ما فعله الغرب في سوريا لم يكن حبا في الشعب السوري بل رغبة منه في تدمير سوريا انطلاقا من محو عروبتها. ولم يكن إسقاط النظام القمعي الحاكم سوى حجة كاذبة”.
واعتبرت الصحيفة أن زيارة الأسد هي صفعة إماراتية إلى الغرب. غير أن ذلك ليس المسألة كلها. لقد مررت الإمارات رسالة إلى الشعب السوري فحواها “نحن نقف معكم”.
وأكملت “ولأن للإمارات رسالتها على مستوى إرساء السلام في العالم فإنها كانت حذرة في المضي وراء الهجمة العمياء على سوريا، دولة وشعبا. ذلك ما لم تفهمه المعارضة السورية وهي تنظر إلى حشود المصفقين للقتل والتشرد السوريين الذين لم تكن معالجاتهم ترمي سوى إلى المزيد من القتل ومن التشرد من غير أي بعد إنساني أو أخلاقي. مؤكدةً “لقد مضى كل شيء إلى العدم. فالحرب لولا التدخل الروسي كان من الممكن أن تذهب بسوريا إلى العدم. لن يبقى النظام ولن تتمكن المعارضة السورية من أن تقيم دولة ديمقراطية على أنقاضه”.
الصحيفة رأت أن (الرئيس) الأسد كان شجاعا في زيارته التي يمكن أن تؤطَر بنوع من الشكر بالنسبة إلى رجل وجد نفسه وحيدا يحاربه العالم كله. “والحق يُقال إن ذلك الرجل الوحيد قاوم وحدته وعزلته وكآبته ولم يشعر بالإحباط.”
وتساءل الكاتب حول ذلك: “هل انتصر على أعدائه؟ لا أعتقد أن واقع سوريا اليوم يسمح له بالتفكير في الانتصار. لا طعم للانتصار في ظل الخراب العظيم الذي ضرب سوريا التاريخية وسوريا الحاضر. لقد نسفت الحرب كل شيء.”
وتوقع الكاتب أن تضغط الصحافة الغربية على الإمارات لأنها استقبلت الأسد وتُحمل الزيارة معاني ليست فيها من أجل أن تحرج الإمارات التي تعرف أن حجم مسؤوليتها يتجاوز تلك المعاني المبتسرة والمريبة والمضللة، لكن الإمارات – كما قالت – لا تريد أن تضلل أحدا. لقد استقبلت الرئيس الأسد باعتباره رئيسا سوريا يحق له ما يحق لغيره من الزعماء. تلك معادلة متوازنة تستحق الإمارات من أجلها كل تقدير.
الصحيفة رأت أنه “مع كل هذا تظل زيارة الأسد للإمارات لحظة استثنائية مدهشة عبرت الإمارات من خلالها في هذا الزمن العصيب بالذات عن استقلال موقفها السياسي وانفصالها عن الغرب من جهة حرصها على الأمن القومي العربي. وفي المقابل فإن الأسد لم يتعامل مع المسألة بطريقة شخصية، بل أدرك أن نافذة تفتح أمامه ليطل من خلالها على العالم العربي هي مكسب لسوريا”.
وقالت الصحيفة: “ربما ستكون لزيارته معان رمزية. ولكن الإمارات لن تكتفي بتلك المعاني. لا تقبل أن تكون وسيطا بين سوريا والعالم. هي أكبر من أن تكون وسيطا. دورها الحقيقي يكمن في أن تفهم اللحظة السورية وتسعى لحاجة سوريا إلى أن تخلص إلى نفسها”
وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن الغرب قد صُدم بزيارة الأسد. ولكن الإمارات لن تكون معنية بصدمة الغرب الذي مارس غباء سياسيا في مسألة النووي الإيراني “لقد أعطى إلى إيران كل ما لا يمكن أن يعطيه إلى العرب”.
وختمت الصحيفة “زيارة الأسد هي صفعة إماراتية إلى الغرب. غير أن ذلك ليس المسألة كلها. لقد مررت الإمارات رسالة إلى الشعب السوري فحواها “نحن نقف معكم”. وهي المرة التي يسمع فيها الشعب السوري نداء عاطفيا عربيا منذ أكثر من عشر سنوات” وفقاً لصحيفة العرب.