هاشتاغ _ نضال الخضري
المفارقة التي أعشقها في الدراما ترتبط برسم الشخصيات، فكلما تطور الحدث ظهر أبطال الأعمال خيال لمسارات أخلقها وفق ما أريد، فالحكم على أي مسلسل لا يرتبط بحالة تقنية، بل بما أستطيع رسمه من مساحات أمامي رغم كل “المطبات” التي تخلقها تلك الأعمال، ففي رمضان نحتاج لاستخدام خيالنا، وإبداع إيقاع يجعل من مشاهدة التلفاز هروب نحو الحلم، ومع احترام كل جهد يظهر في المسلسلات الرمضانية لكنها دون خيالنا تصبح نوعا من الضيق، ومن الإضاءات على “أشكال وصور” يصعب رؤيتها خارج العمل الدرامي.
كل الأعمال الدرامية ترسم تفاصيل في حياتنا لا علاقة لها بالثقافة المرئية، ولا بصناعة الترفيه التي رافقت البث التلفزيوني منذ ظهوره، ورغم أن الحكم على أي عمل تحتاج إلى الكثير من التقنيات، لكنني أطارد انطباعاتي فقط التي تخلق مفارقة الحياة التي نحفر فيها، بينما تحفر الدراما على جلدنا حالة لا تنسى من انزياح كل ما هو مرئي عن تصوراتنا ورؤيتنا لما حولنا.
نحن والدراما سردية لمطاردة أبدية بين قدرتنا على كسر ثقافتنا ورحابة الدراما التي تسبقنا؛ فنحصرها ضمن مشاهد تجرحنا في كثير من الأحيان، فـ”النزيف الثقافي” درامي بالدرجة الأولى، يقلص الجرح إلى حالة بائسة لا تقنع العين ولا تجعل الصور سوى ظلال لطيف الحياة، فالعدسة التي تختصر الزمن تجعله في ثقافتنا الدرامية حالة ممتدة على طول شهر رمضان، فلا نفقد المتعة بل يتكسر أملنا بفن يُمتع الجميع.
قصة الدراما لا تختزلها حقبة واحدة ولا قرن من الزمن، فكل الميثولوجيا في شرق المتوسط تصور درامي، وكل المسارح التي تفاجئنا بساحاتها هي رواية ممتدة، تجاوزتنا ثم ابتدعنا حالة لا تحمل ثقافة درامية بل مجرد أحداث يمكن أن يعشقها البعض، أو تدفع النقاد لقراءتها لكنها متناثرة على مساحات من حياة هزيلة، وربما لا تجعلنا نرتب تلك الدراما كسمة لثقافة يمكن تحمل متعة واكتشافا لآفاق فريدة.
يبدأ رمضان وينتهي وتعبر الأعمال الدرامية من أمامنا، ثم نعجز عن إيجاد ما يجمعها داخل تفاصيل حياتنا، فلا ننساها لأنها أصلا لم تستطع أن ترسم أكثر من زمن ينساب بين أيدينا، فلا نستطيع أن نصل إلى الألوان التي تستطيع كتابة مرحلة ثقافية مختلفة، فكلما ظهر عمل أو انتهى نفقد القليل من قدرتنا على كتابة الأمل، أو إضاءة صورة تبهر العين قبل أن تعمل في عقلنا حالة جمال ساحرة.
أنتقل بين الأعمال الدرامية وأنا أحاول فهم “السردية” التي تجعلنا نتأمل المشاهد، وتتعب البعض بالكتابة عنها أو بجعلها مادة تستهلك الحروف التي ندفعها أمامنا، وكأنها جوقة لابد منها لكي نجعل البث التلفزيوني صورة غرائبية لواقع يستهلكنا.