الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةخطوط حمرالتنمية بعقلية العجز

التنمية بعقلية العجز

هاشتاغ-أيهم أسد

تعتبر التنمية بمفهومها الواسع والحديث والمرتبط بتحقيق حريات الإنسان كافة هي المقياس الحقيقي والوحيد لمدى نجاح السياسات الاقتصادية التراكمية لأي من الاقتصادات في العالم.
ومن المسلم به أن التنمية لا تتحقق بشكل تلقائي أبداً، وذلك لأنها فعل اقتصادي وسياسي واجتماعي هادف وموجه ومدروس بعناية لنقل المجتمع من حالة إلى حالة أخرى، وبالتالي فهي فعل إرادة وطنية متناسقة ومتكاملة تهدف إلى التغيير الشامل.
ومعنى ذلك ببساطة أن التنمية عملية تشاركية لا يمكن لجهة واحدة أن تحتكر إدارتها، أو أن تعتبر نفسها المسؤول الوحيد عنها، لكن يمكن لجهة واحدة أن تنسق إدارتها وأن تنسق جهود الفاعلين فيها، فإن كان الفاعلون في التنمية هم أجزاء الفسيفساء الاقتصادية فلا بد من يد خبيرة تجمعها في لوحة واحدة متناسقة.
وبالمقابل ليس من المقبول غياب جهة ما متخصصة عن إدارة ملف التنمية في أي من الاقتصادات لأن ذلك يعني ببساطة تشتت وضياع الجهود وتضارب الأولويات وتناقض المصالح وعدم الوصول إلى أي تغيير جوهري في المجتمع.
لو سألنا أنفسنا اليوم وبعد أحد عشر عاماً من الحرب، ورغم كل الضرورات الواقعية التي تفرض نفسها على المجتمع السوري من أجل إعادة بناء ما دمرته الحرب، لو سألنا أنفسنا الأسئلة التالية:
هل لدى الحكومة السورية “ملف تنموي” واضح لاستنهاض المجتمع خلال السنوات القادمة؟
هل ستجري مراجعة مضمون البرنامج الوطني التنموي لسورية ما بعد الحرب من أجل مقارنة ما هو منفذ مع ما هو مقترح؟ وهل سيتم استدراك ما تبقى من مراحل تنفيذ البرنامج؟
هل تتمكن هيئة التخطيط والتعاون الدولي المنوط بها بموجب مرسوم إحداثها اقتراح الخطط التنموية القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى من متابعة ملف التنمية في الاقتصاد السوري خلال السنوات القادمة حتى عام 2030؟
هل لدى جهات القطاع العام والخاص والمنظمات غير الحكومية التوافق الكافي حول المسائل التنموية المصيرية في الاقتصاد؟
هل يتم طرح نماذج تنموية واضحة المعالم أمام المجتمع السوري ويقال له هذا ما ينتظرك بعد عشرين أو ثلاثين عاماً؟
هل يمكن للاقتصاد السوري الإقلاع بملف التنمية الوطنية بما لديه من موارد راهنة وأهمها المورد البشري؟ وهل لديه تصور عن ممكنات تجاوز حالة العجز الراهن؟
إن لم يكن لدى متخذي القرار الاقتصادي الشجاعة الكافية للبدء بمراجعة ملف التنمية بشكل وطني شامل فإننا سنهدر فرصة تنموية جديدة مرة أخرى.
إن لم نفعل أي شيء حيال ما تبقى من موارد فسنبقى ندور ضمن نموذج معالجة الحاضر بالحاضر أي أننا وباختصار شديد سندير التنمية بعقلية العجز ولن يقودنا ذلك إلا إلى مزيد من العجز التنموي.
مقالات ذات صلة