هاشتاغ سوريا-رشا سيروب
كشف COVID-19 عن مدى هشاشة الاقتصاد السوري وعُقم أدواته. منذ البدء بالإجراءات الاحترازية الوقائية وجدت الأسرة السورية نفسها على حافة هاوية الفقر والجوع والعوز، فقد أدت إجراءات الإغلاق الجزئي ومن ثم الكلي إلى القضاء على مصدر رزق عشرات الآلاف من الأسر (إن لم نقل مئات الآلاف) أي ملايين الأفراد، الذين وجدوا أنفسهم يواجهون COVID-19 لوحدهم ليس كأزمة صحية، بل كأزمة اقتصادية واجتماعية في ظل سطوة لهيب الأسعار وغياب أي دور حكومي للتخفيف من معاناتهم.
سرّعت أزمة كورونا في كشف النقاب عن حقيقة مفادها أن أمام المواطن خيارين لا ثالث لهما (إما الفقر أو المرض)، لكن هذه الحقيقة ما كانت لتوجد لولا ضعف الأداء الحكومي واحتكار القلة لصنع القرار الاقتصادي، ما كُشف مؤخراً عن أرقام بمئات المليارات المهدورة (ملف وزارة التربية 70 مليار – و233 مليار شركتي الاتصالات) مع أشخاص وشركات ما زالوا يعملون في كنف الدولة وأموالهم خارج الخزينة العامة للدولة، كان كفيلاً بدفع العوز بعيداً عن 3 مليون أسرة (100,000 ل. س للأسرة الواحدة مدة شهر). هذا فقط مما تسرب إلى الإعلام، والخافي قد يكون أعظم.
اليوم “بعد ما يقارب الشهرين من التعطل الجزئي أو الكلي” ما تزال بيانات الذين سجلوا على القناة الرقمية للمنحة الاجتماعية طور الدراسة والتمحيص والتدقيق، وأن “الخطة الوطنية للاستجابة الاجتماعية الطارئة” لتلبية الفئات والشرائح الأكثر احتياجاً شأنها شأن العديد من الخطط لم تتعدى مرحلة الاجتماعات والتصريحات.
يُشار إلى أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل صرّحت بأن المسجلين لدى التأمينات الاجتماعية لا يعبرون عن كل من تعطل عن العمل”، وهذا له دلالة خطيرة، بالإضافة إلى عدم قيام مديريات العمل بواجبها في التحقق من سجلات صحة معلومات سجلات العاملين في القطاع الخاص، إلا أن دلالته الأخطر تكمن في أن مئات الآلاف من الأفراد يؤمنون رزقهم لوحدهم خارج مظلة الحماية الاجتماعية.
وبهذا كشف COVID-19 أن دوران عجلة الاقتصاد كان أكذوبة كبرى، وأن الانتعاش الاقتصادي عبارة عن كلمات لا يفهم معناها إلاّ ذوي “الياقات البيضاء”، وأن إعادة الإعمار ليست إلا سراباً في صحراء الغد.
كورونا سيبقى لوقت طويل، وسلوك الناس هو الذي سيؤدي إلى احتواء تفشِّي الفيروس أو عدم احتوائه، وهذا مرهون بحماية الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً، التي ستجد نفسها تحت ضغط اقتصادي كبير بدون حماية اجتماعية.