هاشتاغ – إيفين دوبا
وسط الدمار الذي طال نصف المنشآت التعليمية في سوريا، بحسب تقرير للبنك الدولي في 2017، زاد الإهمال الحكومي للبنى التحتية وتراكم الأوساخ في المدارس من انتشار الكوليرا في العديد منها.
ويفيد تقاطع شهادات عن تركز الانتشار في مدارس بالعاصمة دمشق، وحمص، واللاذقية، بسبب انقطاع مياه الشرب وتراجع مستوى النظافة وانتشار الحشرات، ما تسبب بازدياد الحالات وتخوف ذوي الطلاب.
وبدأ العام الدراسي في البلاد، في الرابع من أيلول/ سبتمبر الجاري، بتوجّه ما يقارب أربعة ملايين طالب من مختلف المراحل التعليمية إلى المدارس التي وصل عددها إلى نحو أربعة عشر ألف مدرسة ومعهداً في كل المحافظات.
وخلال الأيام الماضية تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً قالوا إنها “تفضح سوء المرافق العامة، وغياب الرقابة الحكومية للوقاية من انتشار المرض”.
وفي وقت سابق نفى وزير التربية السوري دارم الطباع، وجود أي حالات وفاة نتيجة الإصابة بالكوليرا.
لكن أقرّ بأنّ انتشار الكوليرا مرتبط غالباً بمياه الشرب والنظافة، وقد تلعب المدارس دوراً مهماً في نشر العدوى، لكنه أكد وجود “خبرة كبيرة في مواجهتها”.
وقال إنه أجري “مسح شامل لكل المدارس، ولجميع الحالات المشتبه فيها، كما أجريت التحاليل المطلوبة، وعدم السماح بدخول أي حالة مشتبه فيها إلى المدارس حتى ظهور نتيجة التحليل السلبية”.
وأكد أن جميع الحالات التي تم رصدها كانت “حالات بسيطة تماثلت للشفاء من دون الحاجة إلى دخول المشفى”.
لكن تصريحات الوزير السوري الذي نقلتها صحيفة “الوطن المحلية”، تتناقض مع صور نشرتها الصحفية فاطمة سلمان، على صفحتها الشخصية في موقع “فيسبوك” لمدرسة التربة في قرية عين البيضا بريف اللاذقية.
وأظهرت الصور غياب النظافة في المدرسة في مشهد تبدو فيه غير مؤهلة للتعليم.
وسبقتها صور أخرى لمدرسة العريضة في ريف تلكلخ بحمص، وقالت عنها الصحفية فاطمة: “المدرسة كافية لإنتاج كافة القوارض والفيروسات والبكتريا وأهمها الكوليرا”.
– مخاوف –
تقول فريدة وهو اسم مستعار لأم لثلاثة أطفال في دمشق، إنها بدأت تخاف من مسألة ذهاب أطفالها للمدرسة، بعد تأكدها من عدم نظافة الحمامات، وانتشار الحشرات فيها.
وبحسب قول الأم، فإنّ موضوع غياب النظافة في المدراس الحكومية ليس جديداً لكن المخاوف بدأت تكبر خلال ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا في العامين الماضيين، واليوم، وسط الحديث عن انتشار الكوليرا.
في حين تقول (هدى. د) في مقابلة لـ”هاشتاغ” إنها علمت من ابنها وهو طالب في الصف الأول في المرحلة الابتدائية، أنّ مياه الشرب مقطوعة عن مدرسته منذ أيام.
وبحسب هدى فإن انقطاع مياه “الشرب والحمامات من الممكن أن يؤدي إلى غياب النظافة بشكل تام عن المدرسة التي تعاني سوء النظافة وقلة الاهتمام أصلاً قبل وصول الكوليرا إلى المدارس”.
وتتابع الأم: “ابني يعاني من مرض طيف التوحد، وهو أكثر عرضة لتلقّي الأمراض، بسبب ضعف المناعة لديه. عانيت كثيراً لقبوله ضمن إحدى المدارس الحكومية، بسبب عدم قدرتي على إدخاله للمدارس الخاصة، واليوم يزداد خوفي عليه من انتقال جرثومة الكوليرا إليه”.
– تعاميم –
يقول عبد العزيز حسن طبيب الصحة العامة، إنه يستقبل نحو خمسة أطفال يومياً مصابون بالتهابات شديدة بالأمعاء مع أعراض “إسهال وإقياء”.
وأوضح: “سبب المرض جرثومي، فهو ينتقل عن طريق البراز الملوث، وينتشر عبر المياه الجوفية ومياه الأنهار في حال غياب الصرف الصحي الجيد، أو عندما لا تتوفر مياه شرب نظيفة، وأغلبية المدارس الحكومية تعد بيئة خصبة لانتشار الكوليرا”.
من جهتها أكدت مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية هتون الطواشي لـ”هاشتاغ” وجود إصابات بالكوليرا في المدراس.
ولكن “لا يمكن التأكد مئة في المئة على أنها كوليرا بسبب عدم وجود مسحات في المدارس”.
وتقول الطوشي إنّ اختبارات الكوليرا تنحصر حتى الآن في المشافي، وذلك حسب الخطة التي تتبعها وزارة الصحة السورية تبعاً للحالة الوبائية، إذ يتم تحويل الحالات المشبوهة للطلاب بالإصابة بالكوليرا عبر إحالة للمشفى وفيها تجرى الاختبارات.
وأشارت إلى أن الأعراض السريرية لتلك الحالات تتوافق مع أعراض الكوليرا.
وعن أعداد الإصابات قالت الطواشي: “في كل مدرسة يوجد حالة إصابة لطالب أو اثنين أو أحد أعضاء الكادر التدريسي وهناك مدارس لا يوجد بها إصابات. وتتركز الإصابات حالياً في حلب والمناطق الشرقية”.
وتضيف: “حتى الآن الإصابات خفيفة ومتفرقة وفردية ولا يوجد حالات منشأها المدارس. كل الإصابات بين الطلاب يتم نقلها من المنزل”.
وعن خطط وزارة التربية السورية قالت الطواشي:” يتم إجراء جولات مباشرة إلى جميع المدارس لتفقد البيئة المدرسية، والتأكد من توفر المياه النظيفة الآمنة، ووجود الخزانات وتعقيمها من جديد بعد أن كانت جميع المدارس قامت في بداية العام الدراسي.”
وتقول الطوشي: “خلال الأسبوع الإداري عقمت تلك الخزانات، وكذلك تم توجيه فرق الصحة المدرسية للكشف على جميع الندوات في المدارس للتأكد من تطبيقها شروط عدم بيع المواد الغذائية المكشوفة”.
وتتابع: “تم توزيع حبوب الكلور لإضافتها إلى مياه الخزانات الموجودة في المدارس وذلك في المحافظات الموجودة فيها إصابات مؤكدة. وتأمين المياه للمدارس التي لا تصلها عبر الشبكة عن طريق الصهاريج”.
وأعلنت وزارة الصحة السورية في آخر تحديث عن الوضع الوبائي حول مرض الكوليرا عن وجود إصابتين جديدتين في محافظة دمشق قادمتين من محافظتي دير الزور والحسكة، أمّا الإصابتين السابقتين فتم تخريجهما من المشفى وهما بحالة صحية ممتازة. بحسب بيان الوزارة.
وأعلنت أنّ العدد الإجمالي التراكمي للإصابات المثبتة في سوريا بالاختبار السريع 338 إصابة موزعة في حلب إصابة 230 ودير الزور 55، والحسكة 25، اللاذقية 19، وحمص 5، و دمشق 4 فقط”.
وبلغ العدد الإجمالي التراكمي للوفيات 29 وفاة، كان لحلب النصيب الأكبر مع 25 حالة وفاة وفي دير الزور وفاتين، مثلها في الحسكة”.