الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةالدعم اللفظي لا يكفي: المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في سوريا.. "رافعة اقتصادية"...

الدعم اللفظي لا يكفي: المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في سوريا.. “رافعة اقتصادية” تكبّلها تعقيدات التأسيس وقلة التمويل

هاشتاغ _ نور قاسم

تشكل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر حاجة تنموية اقتصادية في سوريا، إلا أن الاهتمام الحكومي بها مازال عمومياً بالرغم من التصريحات المستمرة كإشارة للاهتمام بهذه المشاريع التي تعاني الكثير من العقبات .

انطلاق بعد أكثر من 15 عاما..

ريم درويش، ربة منزل من محافظة طرطوس، بدأت مشروعها القائم على إنتاج المونة المنزلية منذ حوالي عشرين عاماً، وكانت منتجاتها تقتصر فقط على مستوى المجتمع المحلي من الجيران والأصدقاء والمعارف غير أن هذا لم يكن كافياً أو ملبياً للطموح وفقا لريم .

تقول ريم درويش لهاشتاغ إن انطلاقتها الحقيقية بدأت منذ حوالي خمس سنوات عندما سجلت في هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مبينةً استفادتها من الدورات التدريبية المجانية التي أعلنت عنها الهيئة ومنها “حسِّن مشروعك” و “دراسة جدوى اقتصادية”، بحيث جعلتها هذه الدورات تكتشفت مكامن الخطأ وتصححه، مما ساهم في تطور المشروع وزيادة الدّخل، وكان بمثابة الحافز للتوسُّع في المنتجات حسب تعبيرها.

وتشير درويش إلى أنها حصلت على لوغو خاص بمنتجاتها المنزلية بعد خضوعها لدورة “ماركة مسجلة” من خلال الهيئة، ومن ثم الحصول على سجل تجاري معفى من الرسوم لمدة عام، وبعد انتهاء مدة السجل المؤقت جددته الهيئة لمدة خمسة سنوات .

وبيَّنت درويش أن المشاركة في المعارض التي أقامتها هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ساهم كثيراً في توسيع مشروعها، وبدأ الزبائن يطلبون منتجاتها بالاسم سواء من خلال اتحاد العمال أو المشاركة في معارض غرفتي التجارة والصناعة .

مشاريع غير مسجلة

في المقابل؛ يوجد العديد من المشاريع الصغيرة المنزلية التي نجحت أيضاً ولم تسجل في هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإحداها للسيدة الثلاثينية نوال الحاجي التي تعمل من منزلها بريف دمشق (منطقة صحنايا).

تقول في حديثها إلى “هاشتاغ” إنها بدأت بالعمل في المونة المنزلية منذ حوالي عامين، ويساعدها زوجها في تأمين المواد المطلوبة للعمل، إضافةً إلى توصيل الطلبات للزبائن .

واللافت في الأمر كما تقول أنها “بدأت بمبلغ مئة ألف ليرة فقط، و عندما نال عملي إعجاب الأصدقاء والمعارف، بدأ مشروعي يتمدد رويداً رويداً، وأستخدم مختلف وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتي اليوم” .

الحاجي ترى أن الإنترنت ساعدها كثيراً وأوصلها إلى نسبة نجاح 75٪ حسب تقديرها.

تعقيدات التأسيس..

مدير عام هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب اسمندر، بيّن في تصريح لـ”هاشتاغ” أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يواجه صعوبات حقيقية وأبرزها التعقيدات في إجراءات التراخيص وطلب الكثير من الثبوتيات والوثائق أثناء التأسيس لأي مشروع.

ويوضح في هذا الصدد أن الهيئة تعمل على تسهيل الأمر على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر السماح لكل من سجل في الهيئة بمزاولة العمل بشكل مؤقت لمدة خمسة سنوات بغض النظر عن استكمال الإجراءات للترخيص النظامي.

إضافةً لتسهيل حصول أي مشروع مسجِّل في الهيئة على علامة تجارية مؤقتة لمدة خمسة سنوات أيضاً.

ويشير اسمندر إلى أن هذه التراخيص غير قابلة للتمديد، وعلى صاحب المشروع استكمال إجراءاته خلال الخمس سنوات ليصبح فيما بعد دائما وإلا سيكون مصير المشروع الإغلاق.

الجدوى الاقتصادية

يبيّن إيهاب اسمندر أن الهيئة تدرس الجدوى الاقتصادية لكافة المشاريع التي تتقدَّم إليها، حتى وإن كانت الدراسة موجودة مع صاحب المشروع.

ويلفت إلى أن أكثر المشاريع المرغوبة من قِبل المتقدمين هي التجارية بنسبة 60%، تليها الخدمية 24%، ثم الصناعية 10%، وأما الزراعية فنسبتها 1,5% فقط ، إضافةً لمشروعات البناء والتشييد ونسبتها 1%.

وأشار اسمندر إلى أن عدد المشروعات تجاوز السبعمائة ألف مشروع، في حين أن عدد المشروعات التي تعمل بصورة دائمة فيقارب أربعمائة وستين ألف مشروعاً.

رافعة اقتصادية

مدير عام بنك الإبداع للتمويل الصغير أديب شرف قال لـ”هاشتاغ” إن هذه الفترة مهمة جداّ لدعم المشاريع الصغيرة، لأنها بمثابة الرافعة والحامل للاقتصاد في المستقبل، أما دعم المشاريع الكبيرة وإن كانت ذات جدوى فإنها لا تترك الأثر الكبير.

ويرى شرف أن أصحاب رأس المال الكبير متخوفون لعدة أسباب تخص الاستقرار الاقتصادي، في حين أن المشاريع الصغيرة للأُسر توفر مردودا إضافيا، وبالتالي يكون انعكاسها إيجابيا جدا في حال تم دعمها.

وبيّن شرف أن عدد المشاريع المستفيدة من بنك الإبداع بلغ نحو 21 ألف مشروعاً قائماً، والسقف الأعلى لتقديم أي دعم مادي من البنك هو خمسة ملايين ليرة، ولكنه ينوه إلى أن الرقم سيصل في بداية العام المقبل إلى عشرة ملايين ليرة، وبفائدة 18% سنوياً، ويتراوح السداد ما بين ثلاث إلى أربع سنوات على أقساط شهرية تحدد بعد دراسة حالة العميل.

صعوبات تمويلية

مدير عام هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب اسمندر، يبيّن أن المشروعات الصغيرة تعاني من الصعوبات التمويلية نظراً لبُعد النشاط المصرفي التقليدي عنها، فالمصارف تعدّه قطاعاً مكلفاً وضماناته غير متاحة، لذلك تقتصر التسهيلات المصرفية المتوجهة إلى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة على نسبة لا تتجاوز 4% فقط.

وتشكل المشروعات التي أقيمت بالاعتماد على مصادر غير رسمية وغير مصرفية أي من مدخلات صاحب العلاقة نسبة 88% بحسب اسمندر .

على لسانهن..

نوال الحاجي، صاحبة المشروع المنزلي بريف دمشق، تتحدث عما تواجهه من صعوبات، وتكمن – حسب قولها – في تأمين المواد الأولية الجيدة وتغير سعرها من فترة إلى أُخرى بشكل ملحوظ، إضافةً إلى صعوبة تأمين المستلزمات للعمل مثل أسطوانات الغاز على سبيل المثال “في موسم المكدوس مثلا نحتاج لأسطوانة غاز كل ثلاثة أيام لسلق الباذنجان، وسعر كل أسطوانة يتجاوز 150 ألف ليرة في حال كان مضغوطاً” .

وأما عن البازارات ومهرجانات التسوق، فتشير الحاجي إلى أهميتها ليكسب صاحب المشروع العديد من الزبائن، ولكن ليس بمقدور كل من يعمل في المنزل المشاركة بها، مبينةً أنه كثيراً ما تتم دعوتها للمشاركة في البازارات، “غير أن الأمر فيه مجهود كبير لنقل البضائع ناهيك عن تكاليف أجور النقل، ولذلك أفضل عدم المشاركة فيها، وأكتفي بالتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي” كما تقول.

ريم درويش، تقول إن أبرز المصاعب التي واجهتها هي تأخر مشروعها لأكثر من 15 عاماً، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الأولية وعبوات التعبئة، ناهيك عن عدم وجود سوق دائمة للمنتجات الريفية في طرطوس أسوةً بمحافظات اللاذقية ودمشق وحمص حسب تعبيرها.

ولفتت درويش إلى أن اقتصار المعارض على فصل الصيف غير كافٍ لأن المونة المنزلية موجودة على مدار العام ولا تقتصر على فصل دون آخر، مقترحةً ضرورة إقامة معارض وأسواق دائمة لكي يستفيد أصحاب المشاريع الصغيرة بشكل أكبر، ذلك أن المعارض ساهمت بنشر منتجاتها أكثر من التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما تقول.

أسباب فشل المشروعات

يكشف مدير هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب اسمندر أن المشاريع المتوقفة وصلت نسبتها إلى 40%، وأعاد توقفها أو تعثرها لأسباب عديدة أبرزها ظرف الحرب وتعرُّض بعض المنشآت للدمار إما كليا أو جزئيا.

ويلفت إلى أن بعض المشروعات واجهت مشكلات في توفير الآلات والتجهيزات، وأُخرى توقفت لعدم تحقيق الأرباح، وبعض المشاريع تعثرت بسبب الحاجة لرأس المال.

كما توقفت مشاريع بسبب سفر أصحابها، بالرغم من وجود المشروع والآليات، إضافة إلى إغلاق مشاريع أخرى لأنها تعمل بدون ترخيص، وفقا لمدير هيئة المشروعات الصغيرة.

http://لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام

مقالات ذات صلة