هاشتاغ _ يارا صقر
تحافظ الجراثيم المفيدة الموجودة في أجسامنا على توازن وظائف الجسم.
ولكن عندما يذكر أمامنا كلمة “جراثيم” دائما يأتي لذهننا أنه شيئ ضار ونتخيل الأمراض التي تسببها.
في هذا الصدد، توضح الدكتورة سوزان سمرة اختصاصية في البيولوجيا الجزيئية والتقانة الحيوية للأحياء الدقيقة، أن الجراثيم النافعة الموجودة في أجسامنا (الفلورا أو الميكروفلور أوالبروبايوتيكس) تشكل في الحقيقة نسبة 85% من جراثيم الجسم، بينما الجراثيم الضارة تشكل نسبة 15% فقط.
وتضيف سمرة خلال حديثها مع “هاشتاغ” أن الجراثيم المفيدة تتواجد في جسم الانسان على الجلد والأغشية المخاطية، وتتواجد بشكل اساسي في الجهاز الهضمي.
كما أن التواجد الأكبر للجراثيم المفيدة أو البروبايوتيكس يكون في الكولون والأمعاء الغليظة، وتتواجد بشكل أقل في الأمعاء الدقيقة. حسب سمرة.
وتشرح سمرة: “يحمل كل شخص من 100 إلى 1000 نوع جراثيم كأنواع، أما كعدد فيصل عددها للترليونات، وتختلف هذه الأنواع وطريقة توزعها في الجسم من شخص لآخر، وأهم الجراثيم المفيدة المخمرة للبن “عصيات اللبن” “lactobacillus”، وجراثيم” bifidobacteria”، وهما الأشهر والمسؤولان مع باقي الجراثيم المفيدة بشكل رئيسي عن التوازن الطبيعي لجميع وظائف الجسم”.
وتلفت الاختصاصية إلى أن “الجراثيم المفيدة” مسؤولة عن امتصاص الكثير من العناصر الضرورية والمغذية للجسم، مثل الفيتامينات، والحموض الأمينية، فامتصاص الحديد والكثير من المعادن يتم فقط عن طريق هذه الجراثيم، بالإضافة لتركيب بعض الفيتامينات، مثل فيتامين k والذي يساهم بعمليات تخثر الدم ويمنع النزوفات، ويتم تصنيعه من قبل جراثيم موجودة في الأمعاء”.
تتابع سمرة حديثها قائلة: “الجراثيم المفيدة تشكل طبقة تبطن الأمعاء والزغابات المعوية، وتكون ممتدة؛ وخاصة إلى الكولون أو الأمعاء الغليظة، وموجودة على طول الغشاء المخاطي للأمعاء الغليظة، وبناء على ذلك نرى أن توازن البيئة الجرثومية والميكروبية في الأمعاء مسؤولة عن توازن الجسم بالكامل.
وتشير إلى أن وزن الجراثيم المفيدة عند إنسان بالغ وصحيح الجسم ككتلة جرثومية يقارب 1kg.
ضرورة وجود الجراثيم النافعة
بشكل عام؛ علميا _تستطرد الاختصاصية_ أن مناعة الجسم تبدأ في الأمعاء من الجراثيم المفيدة الموجودة في الأمعاء لعدة آليات، فالجراثيم المفيدة تحتل الجزء الأكبر من مخاطية الأمعاء وبالتالي تستهلك المغذيات الموجودة داخلها وتمنع الجراثيم الضارة الداخلة على الأمعاء من استهلاك المغذيات، أو أن تتكاثر.
يُضاف إلى ذلك إنتاج مركبات لها تأثير سمي وقاتل للجراثيم الضارة، ومن ناحية أخرى؛ بناء العناصر المناعية اللمفاوية أو تطور جهاز المناعة يحتاج للمركبات الأساسية التي تنتجها الجراثيم المفيدة الموجودة في جهاز المناعة. على حد تعبير سمرة.
و تتابع الاختصاصية سمرة، أن من منافع الجراثيم المفيدة أنها تلعب دورا أساسيا في الحفاظ على مستويات الغلوكوز في الدم، للوقاية ومحاربة داء السكري لأنها قادرة على إنتاج مركبات تحفز إنتاج الهرمونات وتجعلها محافظة على مستوى الغلوكوز في يالدم.
كما تمنع حدوث مقاومة على الأنسولين، وبالإضافة إن بعض الجراثيم المفيدة تنتج أنسولين بحد ذاتها.
و تشير الاختصاصية إلى أن للجراثيم تأثيرات مضادة للسمنة ولزيادة الوزن، ولها تأثير مخفض للكوليسترول ولها تأثير مضاد للالتهابات، ولا سيما التهاب الكولون القرحي وحالات الكولون العصبي، ومن خلال الهرمونات المعوية التي تنتجها تؤدي إلى توازن الهرمونات بشكل عام داخل الجسم.
وتؤكد سمرة على أن الجراثيم النافعة لها دور وقائي من أمراض السرطان، ولها فعالية قوية كمضاد للتحسس، وبالنسبة للجملة العصبية المركزية فلها الدور الأهم فهي قادرة على إنتاج مركبات تخترق الجملة وتصل للدماغ ومسؤولة عن تخفيف التوتر والقلق والاكتئاب.
تضيف سمرة أن كل ما سبق، تم اقتراحه وتدعيمه من آلاف الدراسات التي أجريت على متطوعين أصحاء أو يعانون من أمراض ذكرناها سابقا، حيث نقوم بأخذ عينة من براز المريض ونقوم بتعداد جرثومي داخل العينة، ودائما يكون هناك تعداد بالجراثيم المفيدة عند المرضى أقل، وعند معالجتهم لزيادة الجراثيم المفيدة تزول أعراض المرض بشكل تلقائي.
وهذا إضافة لإثبات المركبات التي تنتجها الجراثيم المفيدة كانت نتيجة دراسات طويلة بدأت عام 1995 إلى يومنا هذا.
عوامل تخفض المكروبات المفيدة
تشرح الاختصاصية سوزان سمرة أن العوامل التي تخفض هذه المكروبات، تكون مرتبطة بالعادات اليومية التي نتبعها:
أولا، قلة شرب الماء: يؤدي لعدم وصول وارد كافي من الرطوبة، وعدم توزعها على طول الكولون، وبالتالي إعاقة عمل الجراثيم لإنتاج المركبات التي تعمل على إنتاجها.
ثانيا، سوء التغذية: أي التركيز على نمط غذائي واحد مثلا نتناول كربو هيدرات كل اليوم (نشاء، خبز، معكرونة)، ولا يوجد تنوع في الوجبات الغذائية، وبما أن الجراثيم متنوعة فإن كل نوع يفضل مصدرا غذائيا محددا، البعض يفضل الألياف والبعض الآخر يفضل البقوليات وهكذا.
وتكمل سمرة أن تنوع الوارد الغذائي هو أمر مهم لاستمرار هذه الجراثيم المفيدة بأداء عملها.
ثالثا، التوتر: يسبب إنتاج عوامل أكسدة تؤدي لتخرب العمليات الحيوية بالجسم بالتالي تقتل الجراثيم المفيدة بشكل كبير.
رابعا، الصادات الحيوية: نستخدمها لقتل الجراثيم الضارة ولكنها تقتل الجراثيم المفيدة أيضا، وقد نصاب بالإسهال جراء تناول الصادات الحيوية، وهذا دليل على أن الجراثيم النافعة لا تقوم بعملها، وبكافة الأحوال عند تناول الصادات يصبح لدينا خلل في التوازن.
وعندما تقل الجراثيم المفيدة في أجسادنا يجب أن نعمل على إعادتها لنعيد التوازن لأجسامنا. بحسب الطبيبة سمرة.
وتحذر سمرة من تناول الصادات الحيوية بشكل عشوائي وبدون وجود سبب لذلك، لأن آثارها الجانبية كبيرة ويفضل أن تؤخذ بناء على استشارة طبيب.
تعويض جراثيمنا المفيدة
تقول الاختصاصية سمرة في هذا السياق “إن أهم مصدر لتعويض الجراثيم المفيدة بعد أن قتلت هو اللبن، فبعد الانتهاء من كورس الصاد الحيوي أو بعد أي خلل، نصف للمريض مادة اللبن لأنه يحتوي على lactobacillus و bifidobacteria والأغذية المخمرة بشكل عام كالمخللات و التي تحتوي على خميرة البيرة والملفوف ينصح بها بكل منظمات الغذاء فهي تعطي و تنتج الجراثيم المفيدة.
أما الأغذية الأخرى كالحبوب الكاملة والخضار والفواكة الغنية بالألياف والفاصوليا والمكسرات فهي تغذي هذه الجراثيم .
وتلفت سمرة الى أنه بالإضافة للمصادر الغذائية هناك مصادر دوائية موجودة في الصيدليات هي عبارة عن مزائج منها جراثيم أو خميرة بيرة أو الفلورا أو ” lactobacillus ” أو “bifidobacteria “ممكن أن توصف لتعويض الجراثيم المفيدة.
وتختم سمرة حديثها ل”هاشتاغ” بأن الجراثيم المفيدة مهمة جدا لأداء وظائف الجسم ومن المهم المحافظة عليها و تعويضها عند أي خلل يصيبها.