هاشتاغ-محمد محمود هرشو
عرّف الفيلسوف الفرنسي سارتر، “البلطجي” بأنه الشخص المتجبّر الذي أفقده صوابه ما يتميز به من سلطة كاملة ومن خوف عليها، بحيث لا يتذكر جيداً أنه كان إنساناً، وإنما هو يحسب نفسه سوطاً أو بندقية.. أو بلطة.
في بلادنا أخذت تأثيرات “البلطجية” تظهر للعيان إبّان الاحتلال العثماني عبر ولاتهم المعيّنين في البلدان العربية.
كان هؤلاء الحكّام يتجولون محاطين بأشخاص يحملون “البلطات” لحمايتهم، ولإيصال رسالة بمدى الصلاحيات التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص حتى خارج أوقات دوامهم، محتفظين “ببلطاتهم” خلال تجوالهم بين الناس .
تطورت “البلطجة” مع تطور الزمن ككل الأشياء المحيطة بنا، حتى أخذت أشكالاً جديدة تصب في نفس الأهداف والغايات، فأصبح للسياسة بلطجيتها وكذلك للاقتصاد والقانون وأغلب مُدخلات الحياة .
وعليه؛ التدخل العسكري في شؤون الدول تحت ذريعة تحقيق الديموقراطية هو “بلطجة” ظاهرها فرض الحريات والديمقراطية وباطنها الإتيان بجماعات عميلة وغالبا متشددة لزرعها في بلد ما، لتعمل بأمرة المحتل.
بدأت البلطجة منذ أيام حرب العراق ولا يمكن التكهن أين ومتى ستنتهي سوى “بلطجيتها” الذين قرروا الاحتفاظ ببلطات سياسية لهم ضمن هذا البلد ، ونقل جماعاتهم إلى بلدان مجاورة أملاً في السيطرة عليها.
كذلك الأمر، يمكن اعتبار أن إقرار سياسات اقتصادية من قبل “قُصَر” لتصب في مصلحة فئة قليلة على حساب شرائح واسعة هي “بلطجة أيضاً”.
نفس الأمر ينطبق عندما نُسَيِر بلطات القانون على رقبة مدير عام ليتبين أنه بريء بعد أربع سنوات من سجنه، فهذه “بلطجة” باستخدام أدوات من المفروض أنها سخرت نفسها للعدالة.
وعلى النقيض، نفس “البلطات” برّأت مدراء عامين مُدانين قبل تحريك الادعاءات بحقهم !
عرفتُ مسؤولاً كلما ذُكر اسمه نعته الحاضرون بأنه “شقفة بلطجي”، والجميع يعرف أنه يسخّر وظيفته لاختيار “البلطات” المناسبة للتشفّي بما لا يتماشى مع مصالحه وحساباته، ولكن في بنفس الوقت ما من أحد قادر على مجابهته خوفاً من “بلطجته”، ففي كل يوم يمتلك بلطة جديدة؛ تارةً العشائر وأخرى أجهزة الدولة، تارةً القانون وأخرى القائمين عليه.
أما “بلطاته” فتقسم إلى قسمين؛ الأولى عمادها اللاهثين وراء الكراسي الواقفين عن بابه (المسؤولين الجدد)، والثانية من أصحاب الكراسي الخائفين من بلطاته وبلطجيته (المسؤولون الحاليون)، وبين القسم الأول والقسم الثاني وجوهٌ تتبدل وأوطان تتهدم ومنهجٌ لا يتغير.