الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةسوريا والقراءات المختلفة

سوريا والقراءات المختلفة

هاشتاغ-مازن بلال

قام المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون بجولته الروتينية مارا بالعاصمة دمشق؛ ليخرج بعدها بتصريحات حول المأساة الاقتصادية عبر تعبير له بأن الوضع لا يحتمل، وبالتأكيد فإن ما قدمه المبعوث الدولي لا يحمل أي مساحة سياسية لأنه تحذير إنساني بالدرجة الأولى، في وقت تحمل فيه الأخبار بيانات عن اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي والروسي بحثا فيه الموضوع السوري وذلك ضمن جملة مواضيع، ولا تحمل هذه المباحثات أي انفراجات لأنها تأكيدات على اتفاقات سابقة.

عمليا فإن ما يحدث في الأزمة السورية يتجاوز مسألة الجمود السياسي، فكافة التصريحات يتم بناؤها على قواعد سابقة مرتبطة بقرار مجلس الأمن 2254 أو بتفاهمات روسية – تركية مضى عليها أكثر من عامين دون أن تغير من الوضع السياسي أو الميداني، فهناك تحول في الملف السوري نحو رسم السياسات وفق الواقع الراهن، وتوطين الأزمة والبناء على الهوامش المتبقية في الداخل السوري عموما.

ما يعيشه السوريون هو شكل اقتصادي كارثي، لكن أزمتهم الحقيقية سياسية بامتياز، والاتجاه نحو استثمار نتائج الوقائع السورية للبحث عن حلول يشكل بذاته أزمة لأنه يعمق الحالة الراهنة ويتركها ضمن الشكل الإنساني فقط.

ربما من الصعب في ظل عدم التعامل السياسي مع الملف السوري وضع أي تصور لنهايات اقتصادية، فسواء تعلق الأمر بالطاقة أو بسعر صرف الليرة أو حتى ملفات الفساد فإن ما يحدث يشكل “شبكة” تغلق الحلول، وتمنع الخروج من الجدار المرسوم حول “الحل السياسي” مهما كان شكله، لأن جملة التطورات تجاوزت كافة القوى السياسية التي أصبح ظهورها شبه معدوم، ويقتصر في أحسن الأحوال على البرامج التلفزيونية بدلا من العمل السياسي النشط.

ما حدث لكافة التصورات السياسية التي ظهرت منذ بداية الأزمة سواء عبر جنيف أو باقي المؤتمرات لا يرتبط بالظرف الدولي فقط، فانتهاء البحث السياسي بدأ قبل الأزمة العالمية نتيجة وباء كورونا، ولم يكن للحرب في أوكرانيا دور واضح فيما يجري باستثناء توقف عمل اللجنة الدستورية التي كانت تدور في دائرة مفرغة، فالملف السوري تجاوزته تطورات الواقع المحلي والإقليمي عبر أمرين أساسيين:

– الأول هو “استهلاك الأزمة” إن صح التعبير عبر عدد قياسي من المؤتمرات واللقاءات والبيانات والتجمعات، وكافة التحركات التي حدثت منذ 2011 حتى اليوم شكلت “مزادا” سياسيا يصعب معه وضع حدود أو تفاهمات يمكن البناء عليها، وكافة الحلول السياسية من كافة الأطراف لم تكن قابلة للنقاش لأنها جزء من “العملية” الخاصة بالأزمة التي تطورت في المساحات المغلقة للمؤتمرات والتجمعات السياسية.

– الثاني أن الأزمة بذاتها لم تكن سوى أزمة تصورات سياسية، فهي دخلت منذ ظهور البعثة العربية برئاسة محمد الدابي نهاية عام 2011 في عملية التجاذب الإقليمي والدولي التي انهت عمليا أي إمكانية لبناء تصورات سياسية داخلية.

يبدو من العبث اليوم مراجعة كافة المراحل التي مر بها الملف السوري، لكن هناك نهاية واضحة للحلول العائمة على مساحة الحرب، فكلما تقلصت مساحة الحرب ضاقت الحلول السياسية لأنها لم تظهر إلا في ظل حالة دولية ضاغطة وليس من تصورات سياسية سورية، واليوم انتقل الملف السوري إلى الحالة “الإنسانية” دوليا وذلك ضمن تحول غير رسمي عن أي محاولات سياسية لإغلاق هذا الملف بشكل كامل.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة