هاشتاغ – محمد الواوي
يشكو عبد الله (معضمية الشام بريف دمشق) من نقص المياه الواردة إلى منزله عبر أنابيب مؤسسة مياه الشرب نتيجة عدم توفرها كل يوم بالتزامن مع انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، لذلك لجأ إلى استغلال ساعات التزود المحددة لملء خزانات بسعة كبيرة تكفي احتياجات عائلته.
يقول عبد الله “إن التزود بالمياه من الشركة الحكومية يقتصر على يوم واحد في الأسبوع، من الساعة 10 صباحاً حتى 10 مساء، وفي بعض الأوقات تترافق ساعات التزود بانقطاع التيار الكهربائي نتيجة برنامج التقنين، لذلك يعتمد جزء كبير من السكان على تعبئة المياه بالصهاريج الخاصة.
استنزاف
ويذكر عبد الله أن سعر تعبئة عشرة براميل مياه بهذه الطريقة (سعة البرميل تساوي 220 ليتراً مكعباً من المياه) تكلف 15 ألف ل.س، وهي لا تكفي احتياجات عائلة مكونة من 5 أشخاص أكثر من أسبوع، وأحياناً تحتاج العائلة إلى التزود مرتين أسبوعاً بكلفة 30 ألف ل.س.
تتكون عائلة عبد الله من 10 أفراد يسكنون في منزل واحد، ويحتاجون إلى 25 برميل مياه أسبوعاً، لذلك يستغلون فترة التزود الأسبوعية لملء ثلاثة خزانات ذات سعات كبيرة اشترتها العائلة قبل الأزمة.
ينوه عبد الله إلى أن بعض العائلات في المنطقة، ربما لا تملك القدرة المادية لشراء خزانات كبيرة الحجم في ظل التضخم، حيث يصل سعر الخزان المصنوع من النايلون سعة 5 براميل إلى 350 ألف ل. س.
الحال واحد
تقول سلمى، من سكان جديدة عرطوز، “إن المؤسسة تغذي المنطقة بالمياه يومين في الأسبوع، وهي لا تكفي إلا إذا كان خزان المياه من سعة 10 براميل، لكن بعض الأبنية في الحي، حيث أقيم، مصممة لاستيعاب خزانات أصغر حجماً، ويرتبط التزود بالمياه بتوفر مصادر الطاقة، مع العلم أن التقنين الكهربائي حالياً هو 5 ساعات قطع مقابل ساعة وصل أو أقل”.
يختلف برنامجا تقنين الكهرباء والمياه من منطقة إلى أخرى؛ إذ تذكر حنان (تنظيم صحنايا) إن مدة التزود بالمياه محصورة في يومي الأحد والأربعاء أسبوعياً، بالمقابل فإن التيار الكهربائي ينقطع لمدة خمس ساعات متواصلة مقابل ساعة تزود واحدة، وهو وقت غير كاف لضخ المياه إلى الخزانات وتعبئتها. تضيف حنان “طالما لا يوجد كهرباء لا يوجد مياه ما يضطرنا إلى تعبئة خزان سعة 10 براميل بكلفة 30 ألف ل.س تقريباً”.
الطباع: تقنين متفاوت
وأجاب المدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في محافظة دمشق أ.محمد عصام الطباع في رد مكتوب لـ”هاشتاغ” أن المؤسسة تزود مدينة دمشق وريفها بالمياه من مصادر مائية رئيسية عدة؛ هي: نبع الفيجة، ونبع بردى، فضلاً عن الآبار الاحتياطية والمحلية في الريف، وبعض مشاريع الضخ كمشروعي الريمة، وجوبر اللذان وضعا في الخدمة مؤخراً.
وحول نظام التقنين المتبع في محافظة ريف دمشق حالياً، أوضح الطباع أنه يتفاوت بين منطقة وأخرى حسب إنتاجية المصادر المائية ومدى توفر مصادر الطاقة، مع الإشارة إلى تحسن الواقع المائي في المناطق التي ربطت منظومتها المائية بخطوط معفاة من التقنين الكهربائي لاسيما مشاريع (ببيلا-عقربا-سيدي مقداد /لأجزاء من مجموع آبارها/-صيدنايا -رنكوس-تلفيتا-منين الغربية-بدّا-معرة صيدنايا-رأس المعرة-بعض آبار السيدة زينب).
تنسيق “وفق الإمكانيات”
وفي حين يشكو مواطنون من تقنين كهربائي يتعارض مع ساعات التزود بالمياه، ذكر الطباع أن هناك تعاون وتنسيق بين المؤسسة وشركتي كهرباء دمشق وريفها لتوفير مصادر الطاقة في فترة ضخ المياه، و”تعمل الشركتان المذكورتان على تحقيق ذلك وفق الإمكانيات المتاحة لديهما”.
وأضاف الطباع أن المؤسسة تضع برنامج تقنين المياه بريف دمشق في مدة انخفاض كميات المياه المنتجة؛ لاسيما في فصل الصيف، كذلك يوثر توفر مصادر الطاقة على زيادة ساعات التقنين، حيث تضح المياه وفق الإمكانيات المتاحة سواء من الكهرباء أو بتشغيل مجموعات التوليد وفق كميات المحروقات المتوفرة. ويستغنى عن برنامج التقنين في دمشق وريفها المحيطي (الكسوة-صحنايا-أشرفية صحنايا-ضاحية 8 آذار-جديدة عرطوز-معضمية الشام-داريا-عربين-حرستا) خلال مدة فيضان نبع الفيجة من شهر شباط حتى شهر أيار من كل عام بحسب الهاطل المطري.
عجز 57%
وفي الوقت الذي يبلغ فيه عدد سكان ريف دمشق نحو 4 مليون نسمة بحسب مؤسسة المياه، يؤكد الطباع أن احتياج الريف اليومي يصل إلى نحو 400 ألف م3/اليوم. بينما يبلغ الإنتاج حالياً من 160 ألف إلى 180 ألف م3. واصفاً الوضع بـ “المقبول” مع وجود عجز في بعض مناطق ريف دمشق يُعالج وفق الإمكانيات المتاحة، ويرجع العجز إلى أسباب تتعلق بـ (شح المصادر المائية في بعض المناطق-نقص الطاقة-أسباب تتعلق بالهدر في شبكات المياه).
وبحسب البيانات السابقة تقدر نسبة العجز المائي اليومي قرابة 57% في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات قد تصل إلى أكثر من 18 ساعة يومياً في بعض مناطق ريف دمشق.
ويذكر المدير العام أن أبرز مناطق ريف دمشق التي تعاني من نقص المياه حالياً؛ هي: (الضمير-الرحيبة-معربا-جيرود-خربة الشياب-التواني-جبعدين-معلولا-بعض التجمعات في الكسوة..).
لا خطة لتسيير صهاريج
وينفي الطباع وجود أي خطة لتسيير صهاريج مياه صالحة للشرب في المناطق المكتظة بالسكان، لكن مؤسسته تملك صهاريج مخصصة لتخديم المرافق الحيوية يُستفاد منها في تزويد بعض الأحياء في حالات الطوارئ، وتسعى للتنسيق مع محافظة ريف دمشق وبإشراف وزارة الموارد المائية لوضع آلية لعمل صهاريج في المحافظة وفق آلية وضوابط لضمان تأمين المياه النظيفة الآمنة المعقمة للمواطنين بإشراف ورقابة الجهات المعنية (محافظة ريف دمشق-مديرية الصحة-مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك-وحدة المياه).
وحول مشكلة عدم توفر مصادر الطاقة اللازمة لتشغيل الآبار بشكل مستمر، بين الطباع أن المؤسسة ركبت منظومات طاقة شمسية بلغ عددها الإجمالي نحو 40 منظومة بالتعاون مع المنظمات المانحة والمجتمع المحلي.
ويذكر تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) في نيسان/أبريل 2022 أن المياه كانت متوفرة بشكل مستمر وثابت لـ 98% من سكان المدن و92% من سكان الريف في عام 2010، أما الآن فحوالي 50% من مرافق المياه والصرف الصحي لا تعمل في أنحاء سورية جميعها، وأدى تضرر محطات الكهرباء من النزاع إلى نقص المياه لأن البنية الأساسية لنظام المياه تعتمد على الكهرباء التي انخفضت قدرة توليدها بنسبة 60-70%.