هاشتاغ سوريا- عتاب حسن
عادة كانت تجريي انتخابات غرف التجارة السورية بكل سلاسة، وكثيراً ما قامت وسائل الإعلام بتغطية حدث الانتخابات على أنه طقس روتيني، ودون ضجيج. إلا أن انتخابات العام الحالي لم تمر كما في السابق، بل على العكس – تماماً، عصفت بها مشاكل عدة، بدءاً من حرمان بعض المتقدمين للترشح في انتخابات غرف (طرطوس ودرعا والسويداء)، والطعن بقرار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المتضمن استثناء شرط تسديد الرسوم المالية “سنة فسنة” بالنسبة إلى مرشحي الغرف، والسماح بتسديدها مجتمعة، وصولاً إلى القرار “الحدث” الذي صدر عن الوزير برازي قبل أيام، بإعادة تشكيل لجنة تصريف الأعمال في غرفة تجارة ريف دمشق.
الإحالة إلى موقع الوزارة جواب كل تساؤل!
تركّز الحديث إذاً، في الآونة الأخيرة على قرار الوزير البرازي، بإعادة تشكيل لجنة تصريف الأعمال في غرفة تجارة ريف دمشق، والقرار بحسب معاون الوزير رفعت سليمان، جاء تطبيقاً لمادة في قانون اتحاد غرف التجارة السورية الصادر في عام 2020 -لم يأت على ذكرها صراحةً – بل اكتفى بالقول في اتصال مع “هاشتاغ”: “لا يوجد أسباب تذكر للقرار سوى ما تم نشره في موقع الوزارة الرسمي وعلى صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك”.
مدير عام اتحاد غرف التجارة السورية، محمد فراس جيجكلي، برّر القرار المذكور بقوله :” لا أعرف ماهي المسببات التي تبدَّلت من أجلها اللجنة، سواء كان هناك سلبيات ما، أو تجاوزات، فالوزير له أن يقرر ذلك، وحقيقة لا أعرف ما هي الأسباب، وفي النهاية نحن نتحدث عن تبديل لجنة، لو كان الأمر متعلق بحل مجلس إدارة، فالموضوع هنا كبير، وخطير، أما الأمر فهو عبارة عن لجنة هي في الأساس تجاوزت المدة المعطاة بالقانون، وفي القانون القديم يحدّد عمل لجنة تصريف الأعمال لشهرين، ريثما تنتهي الانتخابات، وهذه اللجنة بقيت لسنة ونصف السنة”.
اشتباه بتجاوزات وعدم إعطاء توضيحات!
تناقلت معظم وسائل الإعلام مؤخراً معلومات تفيد بوجود تجاوزات حصلت في غرفة تجارة ريف دمشق، وبناءً على اقتراح من مديرية الشركات، صدر القرار بإعادة تشكيل لجنة لتصريف الأعمال في الغرفة. “هاشتاغ” عاد وطرح هذا الموضوع على معاون وزير التجارة لتوضيح مدى دقة هذه المعلومات المتداولة، وكان الرد “نحن مسؤولون عمَّا نُشر على صفحتنا الرسمية”، علماً أنَّ السؤال لم يكن عن مسؤولية ما هو منشور في الصفحة، ولكن معاون الوزير اكتفى بهذا الجواب.
بدوره، رفض مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أيمن أبو زيتون التصريح لـ”هاشتاغ” حول المعلومات الواردة إلى المديرية بوجود تجاوزات، طالباً منِّا التواصل إما مع الوزير، أو معاونه لأخذ المعلومات.
فقاعات وتشويش انتخابي؟
رئيس غرفة تجارة ريف دمشق، والمرشح لانتخابات غرفة تجارة دمشق وسيم قطان، اعتبر أن ما تمّ تداوله عن وجود نقص 70 مليون ليرة سورية في غرفة تجارة الريف، ما هو إلا تشويش انتخابي، أو فقاعة الإعلامية، حسب وصفه. وقال قطان: “نحن نعيش في بلد تحكمه الأنظمة والقوانين، وفي حال وجود نقص مالي ما، فإن الجهة الوصائية ستتخذ الإجراءات المناسبة، دون أخذ الاعتبارات الشخصية لأحد أياً كان، والوزارة هي المخوّلة بالحديث بحسب المعلومات والأرقام المتوفرة لديها، وهناك محضر استلام يبين أنَّ أرقامنا صحيحة ومطابقة تماماً”.
كما نفى قطان علمه بما نشرته بعض وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، بوجود نقص مالي في غرفة تجارة ريف دمشق، وشدَّد على أن المعلومات التي نشرها موقع الوزارة هي فقط المعلومات الصحيحة والدقيقة، وقال:” لو كان هناك نقص أو تجاوز لما كنت تحدثت معكم اليوم، علماً أن النقص في أية غرفة هو من مسؤولية الخازن، والمحاسب المالي، ولا علاقة لرئيس الغرفة أو الأعضاء بذلك”.
وعند السؤال عن محضر الاستلام المذكور للاطلاع عليه، بيَّن قطان أنه ليس بالإمكان حالياً الحصول على نسخة منه، فالوزارة هي المعنيّة بنشر المحضر”.
اجتماع تبرئة الذمم
أقر اتحاد غرف التجارة السورية في جلسته الرابعة، بتاريخ 19 آب الماضي، بحضور وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إبراء ذمم رؤساء وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد، وكذلك لجان تسيير الأعمال المكلفة بالإشراف على عمل بعض الغرف ورؤسائها عن العام المنصرم وحتى تاريخه. وجرى في الجلسة المصادقة على التقرير السنوي، والميزانية الختامية للاتحاد عن عام 2019، ومشروع الموازنة التقديرية للعام 2020.
مدير عامر الاتحاد فراس جيجكلي، أوضح أن إجراء إبراء ذمم رؤساء، وأعضاء مجلس الاتحاد، وكذلك لجان تسيير الأعمال يحدث للمرة الأولى، وقال:” نحن لا نعرف سبباً لذلك، فالموضوع طُرح للتصويت أثناء الاجتماع، وبحضور الوزير تمت الموافقة عليه بالإجماع، وفي اجتماع اتحاد الغرف سابقاً وبشكل طبيعي كان يُطرح على جدول الأعمال موضوع إبراء الذمم عن العام المنصرم، ولكنه لم يحظ بموافقة، وفي هذا العام تمت الموافقة عليه”.
أما رئيس غرفة تجارة حمص، الدكتور عبد الناصر الشيخ فتوح، فأكد أنَّ أعضاء غرفة التجارة القدامى بمحافظة ما، هم المعنيون بتوقيع التقرير عن السنة المالية المنصرمة للغرفة.
فكيف إذاً تم إبراء ذمم رؤساء وأعضاء ولجان اتحاد الغرف دون صدور التقرير المالي السنوي؟ّ، وكيف سيتسنى للأعضاء الحصول على هذه الذمم؟
يقول “فتوح” حول هذه النقطة: “التقرير المالي يصدر نهاية كل عام، وبالنسبة للذمم المالية يعتبر الأعضاء، بريئين الذمة دون الحاجة إلى مراجعة الغرفة”.
لم يعطِ “قطان” إجابة واضحة حول أحقية الحصول على براءة الذمم المالية قبل صدور التقرير المالي السنوي، واكتفى قائلاُ:” تم تبرئة ذمم مجلس الاتحاد كاملة”. وأكد أنه “تمت مناقشة التقرير المالي، والموازنة المالية، والحسابات موجودة في ديوان اتحاد الغرف”.
وبسؤال معاون الوزير التجارة رفعت سليمان عن تقرير السنة المالية للغرف، ومن له الحق بتوقيع التقرير الأعضاء الجدد أم القدامى؟ قال:” إلى أن يتشكل الاتحاد (بيفرجها الله)، واتحاد الغرف الجديد هو من يحدد ذلك”.
بين الشكاوى والردود.. حلقة مفقودة
ما بين أصوات بعض التجار المليئة بالشكاوى، والاتهامات، وبين الردود الرسمية (سواء من الوزارة أو غرف التجارة) يوجد تباين واضح وعدم كفاية في المعلومات. فلا الشكاوى كانت كافية أو مثبتة بالوثائق، والردود الرسمية كانت باهتةً، وغير كافية ولم تجب حقيقةً عن أي تساؤل.
الأكيد أن هناك حالة من عدم الثقة، بين التجار، وبين غرفهم (التي من المفترض أن تكون المنظمة الراعية لحقوقهم) والوزارة الراعية لكل هذا القطاع من النشاط الاقتصادي.
ويزيد في ذلك سياسة التعتيم غير المبررة التي يمارسها أغلب المسؤولين، الذين تم الاتصال بهم، واكتفاءهم بالأجوبة الشبيهة بعرض عام لنشاط الجهة التي يمثلونها، وهذا النوع من الأجوبة يزيد الثقة بمصداقية الشكاوى المطروحة.
بالمحصلة المطلوب فعلياً لم يكن أكثر من طرح شفاف للأجوبة، والوثائق التي تبين عدم وجود تجاوزات في آلية العمل، في حال لم تكن موجودة فعلياً.