الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةألوان الرعب المتشابهة..

ألوان الرعب المتشابهة..

هاشتاغ-نضال الخضري

كان علينا معرفة أن الارتباط بتركيا جغرافي لا يمكن الانفكاك منه، وربما صراعا على هذه الجغرافية المنتشرة على فالق الزلازل التي تخلق الرعب ومن بعده الكارثة، ورغم أن الشكل الإنساني هو الذي يجب التعامل معه اليوم لكن ربما علينا كسر الحزن، لأن ما خلفه الزلزال يحتاج بالفعل إلى تناسي الحزن ولو لفترة والبحث عن الفعل الذي يمكن أن يكفكف الدموع، ويعيد خلق الأمان من جديد.

هذا الفالق ليس محور زلازل فقط على مسار التاريخ، وهو مثل مدينة حلب التي شهدت تاريخا مدمرا عبر الهزات الأرضية العنيفة، وكانت موطن عشاق الحياة من المطبخ الحلبي إلى الصناعيين حاليا، ومن الطرب إلى نقطة تلاق اجتماعي فيها من التنوع ما يولد شكلا حضاريا استثنائيا، وفي فوالق سورية “تدمر” التي تصور نوع من الحضارة القائمة على التواصل وفهم الآخر، فخيار المجتمعات على مدار التاريخ لم يكن في موقع الخطر لأن المخاطر على ما يبدو مولدة للحضارات.

الذاكرة تنقلنا أيضا إلى اللاذقية التي كانت “ياريموتا” كما ظهرت في مراسلات تل العمارنة، ثم كانت لاوديسا أيام السلوقيين الذين أعادوا بناءها ومن محيطها المتبدل أو من طبيعتها كمدينة تنقلت من رأس شمرا وأوغاريت وراميتا كانت الأبجدية وقواعد التجارة التي حملها الفينيقيون نحو العالم مع قاعدة بحرية أخرى قريبة بناها الفينيقيون وأسموها جبلة.

زلزال اليوم كارثة تحرك تاريخنا، وربما تكتبه على إيقاع مأساة ليست الأولى لكنها مؤلمة أكثر بطبيعة ما يحيط بها، وربما بلون الإجحاف الذي يطال “مولد” التاريخ في سوريا بالعقوبات الجائرة التي تطال كل المساحات، و تتجاهل دمار الموت وتلوينات التاريخ السوري التي تظهر اليوم جغرافية متناثرة يراها العالم قطعا ضمن واقع سياسي خاص.

في لحظات الرعب الأولى يصعب استحضار التاريخ الذي يبدو مرعبا أكثر عندما نرى انتماءنا لما يحدث، ونشعر بارتباط مع جغرافية سورية أصبحت اليوم داخل الفالق التركي، وأخرى تتقاسمها الجبهات العسكرية من أصقاع الأرض، فالرعب لحظة فاصلة في إنعاش العقل الذي ترتج الأرض من تحته فيزيائيا، بعد أن ترنحت على طول أكثر من عقد سياسيا.

في سورية نستطيع النظر شمالا لنرى أن التقاءنا مع الأناضول هو الفالق الحقيقي جغرافيا وحضاريا، فعلى طول هذا الخط كانت الجحافل العسكرية تتمركز وتتحرك، وعلى طوله أيضا ظهرت ممكنات الحضارة التي احتضنتها سورية من الفينيقيين والآراميين والأمويين والثقافة الوسيطة التي أنتجت تراثا كبيرا بكل أصناف العلوم.

 هو الرعب المولد للخوف وربما القدرة على الانتشار نحو أفق مختلف، ونحن لسنا موطن رعب بل اخترنا تلك الفوالق التي تمثل التقاء عام ليس جيولوجيا بل أيضا على مستوى حالات التنوع، فنحن اليوم نشهد اختصار البانوراما التاريخية بشكل معاصر لأبعد الحدود.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة