الخميس, ديسمبر 12, 2024
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةالواجهة الرئيسيةجغرافيا المنطقة الصعبة

جغرافيا المنطقة الصعبة

هاشتاغ_مازن بلال

يمكن سحب كل علوم الفيزياء على التصورات السياسية الحالية، فمذهب الريبة و اللايقين التي تنتج العلوم الفيزيائية المعاصرة تشكل أيضا معظم التفكير السياسي، وكما أنتجت “نظرية الفوضى الخلاقة” في ستينيات القرن الماضي، فإن اللايقين يعبر بشكل واضح عن “النظام” الدولي الذي لا يبدو أن تشكله سيأخذ حالة يمكن مقاربتها مع الماضي، وهذه الظاهرة تتراكب في شرقي المتوسط حيث تبدو الحــ.روب تكوينات لا تطرح حتى اللحظة أي تحولات ضمن النظام الإقليمي.

عمليا فإن ما حدث في سوريا خلال الأشهر الماضية يمكن أن يطرح بداية جديدة لمسار الأزمة السورية، لكن هذه “البداية” بذاتها تتضمن متاهة أمام الخيارات الصعبة في مواجهة التحالفات الدولية “الهشة”، وهذه الهشاشة تظهر ضمن نقطتين أساسيتين:

– الأولى في عدم القدرة على حسم الصراع سواء في أوكرانيا، أو ضمن الجبهة المقابلة، حيث تراهن واشنطن على انهيار مُرتقب نتيجة العــ.قــ.وبات على روسيا، ولكن هذه الاستراتيجية مُخترقة بصراع مزدوج مع الصين بالدرجة الأولى ومع الدول ضمن هامش الصراع مثل دول الشرق الأوسط.

عدم ثقة الأطراف الإقليمية في الشرق الإقليمية بمسألة “حسم الصراعات” دفعها لإعادة بناء علاقاتها البينية خصوصا مع سوريا، لكن هذه العلاقات دفعت لمرحلة جديدة من “اللايقين” في رسم نظام إقليمي مختلف، فما تقوم به دول الخليج هو “ترميم” إقليمي ترحب به روسيا والصين وتراقبه أوروبا والولايات المتحدة بحذر، في وقت لا تبدو واشنطن متحمسة للدخول بجهود دبلوماسية تعرقل الانفتاح الإقليمي الجديد، ومن الصعب حتى اللحظة تقديم نصور لنظام إقليمي ضمن توازنات قلقة وحـروب تندلع بسرعة كما حدث في السودان.

– النقطة الثانية أن الانسحاب من الصــ.راعات الإقليمية يحتاج إلى تشكيل في العلاقات الإقليمية مبنية على استراتيجية غائبة، فهناك بداية تنطلق من “الأمـن الإقليمي” في ظل “اللايقين الدولي”، وهذا الأمر يتطلب قراءة متأنية لاحتمالات جديدة داخل منطقة متخمة بالحـروب.

تحاول السعودية و الإمارات ترميم المنطقة عبر “الانفتاح الإقليمي”، وفي نفس الوقت هناك تداعيات أخرى تظهر في السودان واليمن، وحتى في بؤر التوتر في سوريا سواء عبر التواجد التركي والدولي، أو من خلال اختراق أي توازن بنفوذ إقليمي إيراني، وهذا المشهد يقدم جغرافية صعبة تملك إرثا من الاقتسام الإقليمي الذي استمر منذ منتصف القرن الماضي وحتى مرحلة الاحتلال الأمريكي للعراق، يحتاج لأمـن إقليمي مختلف نوعيا عن كل المراحلة السابقة.

في سوريا يبدو ترميم العلاقات الإقليمية أكثر وضوحا، لكنه في نفس الوقت مازال قائما على شروط دولية مشتتة، فهناك قرار دولي لا أحد متمسك به إلا لكسر إمكانيات قيام توازن لا يلبي مصالح أي طرف دولي، في وقت ترى فيه معظم الأطراف الدولية أن الرهان على الأزمة السورية خاسر في طل حـرب عنيفة وسط أوروبا، وهذا الأمر دفع عددا من الدول العربية إلى كسر القاعدة المتبعة بمقاطعة دمشق، ولكنه في نفس الوقت وضع ضمن شكل من “اللايقين” بشأن مستقبل الأزمة عموما، فسوريا أمامها احتمالات إقليمية ودولية ولكن الاحتمال الأكثر صعوبة هو الاحتمال الداخلي، وقوة البيئة السياسية التي يمكنها في النهاية تحديد التوازنات والدور الإقليمي لسوريا بعد الأزمة. عرض أقل

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
مقالات ذات صلة