هاشتاغ _ حسن عيسى
تشهد الصراعات السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط تغيراتٍ جذرية، بدءاً من موجة التطبيع العربي مع سوريا، مروراً بعودتها لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، وصولاً إلى حضورها قمة جدة كمحورٍ أساسي ورئيسي فيها.
فعلى الرغم من الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عقد، إلا أن التحولات الاستراتيجية الكبيرة في المنطقة ألقت بظلالها على الشأن السوري العام، ما دفع بعض المتابعين للشأن للاعتبار بأن سوريا حققت نصراً سياسياً جديداً.
وفي ضوء هذه التطورات، يعتقد خبراء أن سوريا مقبلةٌ على مرحلةٍ جديدة، وأن مشاركتها في القمة تشير إلى عودتها للمحيط الاقتصادي والسياسي العربي، رغم مبدأ “خطوة مقابل خطوة” الذي كان حجر الأساس لعملية التطبيع تلك.
المبدأ الذي تم التوافق عليه عربياً لم يكن سوى بداية لجملةٍ من الأحداث المرتبطة بإعادة تعويم سوريا دولياً، التي يرجّح البعض أن تبدأ بموافقة البلاد على البدء بتنفيذ القرار الأممي 2254، لكن وفق رؤيتها الخاصة في ظل ما تم التوافق عليه تحت قبة الجامعة.
تغيرات استراتيجية
المحلل السياسي اللبناني ميخائيل عوض، أشار إلى أن الحرب التي شهدتها سوريا أسفرت عن تغيرات استراتيجية كبيرة، وأن سوريا وحلفاؤها نجحوا في تحقيق الانتصار بينما تأزم المحور الآخر وانسحبت الولايات المتحدة من المعادلة.
وذكر عوض أن التطورات الحالية أظهرت للسعودية أن الاستجابة للأوامر الأمريكية يكلفها ويحملها مسؤوليات دون مصلحة، لافتاً إلى صعود أوراسيا كبديل في المنطقة.
ورأى عوض أن الفائز في الحروب الكبرى هو من يفرض الشروط، مشيراً إلى أن سوريا لن توافق على أي شروط للمصالحة، لم تكن توافق عليها قبل الأزمة.
واعتبر عوض أن المصالحة مع سوريا جارية بعد حرب طويلة وصراعات دموية استمرت لأكثر من عقد، وأن سوريا وحلفاؤها لن يقبلوا بأي شروط تفرض عليهم.
وذكى عوض أن حلفاء سوريا بلبنان يشعرون بالفرح والانتصار، بينما تشعر الأطراف الأخرى بالارتباك والإحباط والتقلبات، وينتظرون فرصة لتعبيد الطريق الذي يؤدي إلى دمشق.
انعكاس المشروع الخليجي
المحلل السياسي العراقي حسن موسوي، أشار إلى أن التوجه العربي نحو سوريا تحوّل إلى أمر حاسم في المنطقة، وذلك بسبب اعتراف الجميع بأهمية دورها وتأثيرها.
وعزى موسوي ذلك إلى انعكاسات المشروع الخليجي الذي شكّل محاور وقوى دولية جديدة تحصر الغرب والولايات المتحدة بمحور معادٍ لروسيا والصين والهند، ويغيّر المعادلة الدولية.
ورأى موسوي أن سوريا تتجه بقوة إلى القمة، الأمر الذي يرمز إلى مرحلة سياسية جديدة واعتراف بأنه لا بديل عن الشرعية السياسية في البلاد، بعيدًا عن التطرّف والجماعات المسلحة.
واعتبر أن مشاركة سوريا في القمة تشير إلى مرحلة مقبلة، حيث يصبح من الصعب عليها التنازل عن مواردها وثرواتها، مما يمكن أن ينعكس إيجابًا على الوضع الاقتصادي في البلاد.
ولفت موسوي إلى أن عودة سوريا لمكانتها العربية يعني عودتها للمحيط الاقتصادي العربي، وبالأخص الخليجي، مما يساعدها على السيطرة على ثرواتها والخروج من الأزمة الاقتصادية التي عانت منها على مدار السنوات الماضية.
ورجّح موسوي أن تنعكس هذه المعطيات على قرار الأممي 2254، معتبراً أن سوريا ستعمل على تنفيذه وفق رؤيتها الخاصة وإرادتها، وليس وفق الإرادة الغربية التي أرادت تغيير نظامها السياسي.