هاشتاغ _ يسرى ديب
وسط مئات الطلبات التي يتقدم بها عمال وزارة الصناعة للاستقالة بسبب الدوام الشاق والطويل في الشركات، مترافقاً مع أجور ميتة، أقرت وزارة التنمية الإدارية المشروع المتعلق بأنظمة الحوافز والعلاوات والمكافآت الذي تم طرحه واعتماده ضمن مشروع الإصلاح الإداري منذ 2017.
الصدمة الأولى التي عبر عنها الكثير من العاملين في القطاع العام كانت في الجهات التي حصلت على الحوافز قبل غيرها، أو التي انطلق منها المشروع الذي تم إقراراه منذ أواخر 2022 ولم ينفذ حتى الآن.
وجاء في مقدمة الجهات التي ستحصل على حوافز يسمح القانون بأن تتراوح بين 200- 300% موظفو وزارة النفط والثروة المعدنية (الإدارة المركزية)، رغم أن غالبية موظفي وعمال الوزارة بلا عمل منذ أكثر من عقد الزمن، بعدما توقف إنتاج النفط أو البحث عنه، والأهم أن الحوافز مخصصة لموظفي (الإدارة المركزية) في الوزارة ربما على دراساتهم وأتعابهم في مجال النفط!
يأتي في المرتبة الثانية وزارة الاتصالات والتقانة والجهات العامة التابعة لها (الإدارة المركزية، الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، الهيئة العامة لخدمات الاتصالات اللاسلكية، الهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات).
ومن الجهات أيضاً الجهاز المركزي للرقابة المالية، الذي كان شاهداً على الفساد الذي تسبب بنزيف حقيقي لأموال القطاع العام.
أين هم المستحقون؟
هذه القائمة أثارت الكثير من الاستياء، وتساءل العديد من الموظفين عن غياب عمال النظافة والمستشفيات والشرطة والجيش والمعلمين والإعلاميين والصناعة.. وغيرهم.
والحقيقية أنه يمكن لأي شخص أن يدرك حجم الأعمال والأعباء الملقاة على عاتق هذه الشرائح من الموظفين، والدليل على ذلك التسرب الكبير والأعداد الكبيرة من طالبي الاستقالات التي تحول التعليمات دون حصولهم على هذا الحق.
حسب الأولويات
وإذا كان عمال القوائم المذكورة يستحقون الحوافز باعتبار أن الأجور المتدنية لكل العاملين تحتاج لعلاج وتعويضات تحسن الدخل، فإن الأجدى أن تكون البداية من الشرائح التي لا يختلف أحد على مدى الجهد الذي يقدمونه.
وعن قيمة الحوافز التي يمكن أن يحصل عليها العامل، قال الخبير في الإدارة والموارد البشرية والاصلاح الإداري، عبد الرحمن تيشوري، إنه لا يمكن معرفة قيمة الحوافز قبل أن تحصل عليها أي جهة تم إقراراها كمستفيدة، وأنه عند إقرار المرسوم نهاية 2022 نصت بعض أنظمة التحفيز على إعطاء نسبة تصل إلى 200و300%، ولكن يبدو هذا الكلام مبالغا فيه.
ويوضح تيشوري أنه إذا كان هنالك جهة عامة فيها 2500 موظف، وحصل منها 10 أفراد، والذين هم المدير ومعاونه ورؤساء الأقسام على نسبة 300% ، فهذا لا يعني أن كل العاملين استفادوا.
أجر نصف ساعة
ويضيف الخبير أنه من المهم أن يستفيد كل العاملين وبنسب مجزية تساوي الراتب الشهري، لأنه للأسف قيمة الرواتب لا تتجاوز 10 دولارات، وهذا المبلغ لا يعادل سوى أجر نصف ساعة في كل العالم!
وحذر تيشوري من أنه إذا لم يتم زيادة الأجور والحوافز بنسب مجزية فسنقبل على كارثة اجتماعية واقتصادية.
ووصف تيشوري معالجات الحكومة للقضايا بالسلبية والسيئة.
وأعرب عن تقديره أن وزارة التنمية الإدارية فشلت في ترجمة المشروع الوطني للإصلاح الإداري، وإقرار أنظمة حوافز حقيقية تحفز العاملين على العطاء والبذل والبقاء في الجهات العامة، وهذا سيتسبب بإفلاس إداري قريب، بسبب بطء الحكومة الشديد في إبداع حلول، وفشل وزارة التنمية الإدارية في ترجمة مشروع الرئيس الأسد للإصلاح الإداري والمشروع الحكومي للتحفيز الوظيفي للعاملين في مختلف الجهات العامة.
وأشار تيشوري إلى أنه كان على الفريق الحكومي أن يسابق الزمن، لأننا في حالة حرب، ففي صيف 2017 ترأس الرئيس الأسد اجتماع حكومي وأقر المشروع الوطني للإصلاح الإداري، أي بعد شهر يصبح عمر المشروع 6 سنوات، أي 72 شهراً، وهذا الوقت كافٍ لقلب بلد في الكامل، وإجراء إصلاحات في كل المجالات، في حين ما زالت وزارة التنمية الإدارية تقول سوف..وسوف، وهذا غير منطقي.
واعتبر تيشوري أن مدة أسبوعين كافية لإصلاح نظام الحوافز، ومشروع الإصلاح لا يحتاج أكثر من عام أو اثنين.
فريق آخر
لكل هذا؛ يقول تيشوري: لقد حصلت هذه الوزارة على فرصتها، وجرب أداؤها في المسابقة المركزية، وفي عدم استثمار أكثر من 500 خريج من المعهد الوطني للإدارة “إينا” الذين يعانون التهميش. فالبلد تحتاج لفريق إداري آخر يقود عملية الإصلاح، وليس للتسويف والكلام.
هدفه التعزيز
وفي تعقيبه على هذا القرار، قال الخبير الإداري صلاح الدين سقر ل”هاشتاغ” إن نظام الحوافز والمكافآت وغيرها من المسميات يهدف إلى تعزيز الدافعية وتقييم أداء إنتاجية العامل وكفاءته وفعاليته، والتي تنعكس من حيث النتيجة على تعظيم مخرجات إنتاجية المنظمة والتي تصب في مصلحة المجتمع عموماً، ولكنها ليست أسلوب مالي لتحسين دخل العامل، لذلك يجب التفريق بين الراتب والأجر حسب قوله، وأنه من الطبيعي أن يكون لكل منظمة نظامها الخاص المتعلق بأنشطتها ومخرجات عملها ومؤشرات أدائها، لهذا اعتمد في سوريا منذ عشرات السنين نظام المكافأة والحوافز للمنشآت الإنتاجية والمنشآت ذات الطابع الاقتصادي والإداري والخدمي، وأيضا المنشآت ذات الإنتاج الفكري والمعرفي.
اختراع قديم
أضاف سقر أن اختراع العجلة تم منذ أمد بعيد، ويبقى الأمل أن تتناسب كتلة الحوافز المادية مع المتغيرات الاقتصادية وسياسات التسعير.
وأكد على ضرورة إجراء تقييم مستمر لنظام الحوافز والمكافآت، بما يتوافق مع ظروف العمل على اختلافها؛ الخطيرة أو المجهدة أو غير ذلك، ومتطلبات السلامة المهنية.
ويختم الخبير سقر بأنه يجب أن يتسق ذلك مع مؤشرات أداء تلك الجهات وأهدافها الإنتاجية قبل وخلال وبعد إقرارها، أي أنه ليس وصفة مقدسة لمرة واحدة.