ظهر سيف الإسلام القذافي من جديد، عبر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم الجمعة 30 تموز/يوليو 2021، ليؤكد في هذا اللقاء، أنه “رجل حر” وأنه يرتب لعودته إلى الساحة السياسية.
وفي حديثه للصحيفة الأمريكية، كشف سيف الإسلام أنه خلال فترة غيابه التي امتدت منذ عشر سنوات، شارك في القتال لفترة وجيزة في “باب العزيزية” عندما حاصر المتمردون طرابلس في آب/أغسطس 2011. ويقال إن آخر ظهور له كان لتحميس المؤيدين وتوزيع الأسلحة في حي أبوسليم في طرابلس.
بعدها فرّ إلى بلدة “بني وليد”، معقل القذافي في المنطقة الجنوبية الشرقية، وبقي هناك حتى منتصف تشرين الأول/أكتوبر عندما أودت الضربة الجوية التي شنها الناتو بحياة 22 شخصاً من أتباعه وأصابته في يده اليمنى.
لجأ القذافي بعد إصابته إلى مدينة سرت ومنها إلى وادٍ صحراوي، لكن يده المصابة كانت تزداد سوءاً طوال هذا الوقت.
استطاع سيف الإسلام التواصل مع عبدالله السنوسي، رئيس المخابرات في نظام أبيه، واتفقا على أن يلتقيا في المثلث الحدودي الجنوبي بين ليبيا والجزائر والنيجر.
اعترضت مجموعة من المسلّحين الموكب الصغير ليجدوا رجلاً أصلع صغير السنّ تغطي الضماداتُ يدَه اليمنى. رأوا وجهاً كان دائم الظهور على شاشات التلفزيون الليبي. إنه سيف الإسلام القذافي، الابن الثاني للقذافي، وأحد الأهداف الرئيسية للمتمرّدين.
بعدها بفترة قصيرة، انتشرت بعض الصور التي ظهر فيها ذليلاً في الصحافة؛ منها صورة يجلس فيها على كرسي ويده ملفوفة بضمادات بيضاء بينما يحيط به المقاتلون المنتصرون؛ وصورة داخل مروحية سوفييتية الصنع في طريقها إلى “الزنتان”، وبعدها اختفى تماماً.
أما عن فترة اختفائه، فيقول سيف الإسلام للصحيفة إنه مرّ بظروف قاسية، جعلته يشعر بقرب انتهاء أجله، فقد أكد أنه لم يكن على اتصال بالعالم الخارجي خلال السنوات الأولى من اعتقاله، وأنه قضى بعض هذه الفترة في مكان أشبه بالكهف، وهي غرفة تحت الأرض شُقّت وسط الصحراء أسفل منزل في بلدة “الزنتان”.
لم يكن بالغرفة أي نوافذ، بحسب روايته، ولم يكن يميّز الليل عن النهار أغلب الوقت. كان وحيداً تماماً، وأدرك أنه قد يموت في أي لحظة، فازداد إيماناً.
وفي أحد الأيام، وبالتحديد في مطلع عام 2014، تلقى زيارةً غيرت مجرى حياته، وذلك عندما دخل عليه رجلان من كتيبة الزنتان إلى غرفته الصغيرة. بدا عليهما الغضب والانزعاج وأرادا التحدث.
بحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن هذين الرجلين كانا قد شاركا في الثورة ضد القذافي، كان لأحدهما ابن أصيب بطلقة في رأسه أثناء تبادل إطلاق النار مع ميليشيا منافسة من مدينة مصراتة على ساحل البحر المتوسط.
كما تابعت الصحيفة: “أعرب الرجلان عن شعورهما بالحسرة، ولم يكن هذا الشعور نابعاً من خسارتهما الشخصية فحسب. وقفا محنيَّي الظهور داخل الغرفة- التي كانت تتسع بالكاد لثلاثتهم- وأخذا يسبّان الثورة ويقولان إنها كانت غلطة وإن سيف الإسلام وأباه كانا محقّين”.
قال سيف إنه ظل يستمع إليهما وهو يشعر بأن شيئاً ما يتغيّر. “كانت الثورة تلتهم أبناءها. في النهاية، سيشعر الليبيون بإحباط شديد؛ لدرجة أنهم سينظرون إلى الماضي ويشعرون بالحنين إلى عهد القذافي” . وهذا بدوره قد يهيئ له الفرصة ليستعيد كل ما فقده.
أوضح القذافي للصحيفة الأمريكية أن المقاتلين الذين اعتقلوه قبل 10 سنوات “قد تحرّروا من وهْم الثورة وأدركوا في نهاية المطاف أنه قد يكون حليفاً قويّاً لهم”. ارتسمت على وجهه ابتسامة وهو يصف تحوّله من أسير إلى أمير منتظر، فقال: “هل لك أن تتخيل؟ الرجال الذين كانوا حرّاسي هم الآن أصدقائي”.
قبل اندلاع الانتفاضة الليبية في شباط/ فبراير عام 2011، كان الغرب يعقد الآمال على سيف الإسلام لإحداث إصلاح تدريجي في البلاد. فمظهره المهندم ونظّارته الطبية وطلاقته في الحديث باللغة الإنجليزية جعلته يبدو مختلفاً تماماً عن أبيه الذي عُرف بمظهره المبهرج وطباعه الغريبة.
درس سيف الإسلام في كلية لندن للاقتصاد وتحدّث لغة الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكوّن صداقات مع علماء سياسة مرموقين، وحاضَرَ الشباب الليبي عن التربية المدنية، حتى إن بعض أصدقائه في الغرب اعتبروه المُنقِذ المنتَظر لليبيا.
إلا أن اشتعال الثورة في البلاد، والإطاحة بنظام والده، دمر هذا الحلم والطموح، إلا أنه ورغم اختفائه عن الساحة، فإن تطلعاته للرئاسة تؤخذ على محمل الجدّ.
فخلال المحادثات التي أسفرت عن تشكيل الحكومة الليبية الحالية، سُمح لمؤيديه بالمشاركة، ونجحوا بمهارة إلى الآن في إلغاء شروط للانتخابات كانت ستحول بينه وبين الترشّح.
لكن الأمر الصادم في هذا الأمر، هو أن بيانات استطلاعات الرأي المحدودة في ليبيا تشير إلى أن قطاعاً عريضاً من الليبيين- بنسبة 57% في منطقة واحدة- قد عبّروا عن “ثقتهم” بسيف الإسلام. وقبل عامين، قيل إن أحد منافسيه دفع 30 مليون دولار لقتله (في محاولة ليست الأولى لاغتياله)، فيما اعتُبر دليلاً تقليديّاً على مكانته السياسية.
وما يؤكد تطلعه للمنافسة السياسية على منصب رئيس البلاد، هو ما أعلنه أيمن بوراس، المكلف بالبرنامج السياسي والإصلاحي لسيف الإسلام القذافي، خلال مؤتمر صحفي في تونس بداية عام 2018، ترشح نجل القذافي للانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا، مؤكداً أن “سيف الإسلام القذافي من خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة لا يطمح إلى السلطة بمفهومها التقليدي بل إلى إنقاذ بلاده”.
لمتابعة المزيد انضموا إلى قناتنا على التلغرام