أصدرت جنوب أفريقيا “حصانة دبلوماسية” شاملة لجميع القادة الذين سيحضرون قمة “بريكس” شهر آب/أغسطس المقبل، في خطوة من شأنها أن توفر، بحسب تقارير إعلامية، غطاءً قانونياً لحضور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي صدرت في حقه مذكرة توقيف دولية من المحكمة الجنائية.
ويؤكد المسؤولون في جنوب أفريقيا على أن الحصانات التي صدرت “اعتيادية في تنظيم المؤتمرات” ولا تلغي مذكرة التوقيف الدولية، بحسب ما نقلته صحيفة “الغارديان”، التي أشارت إلى أن البلد الأفريقي العضو في المحكمة الجنائية “سيكون تحت الضغط للقبض على بوتين”، حال مشاركته شخصياً.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي في آذار/مارس الماضي، بسبب مزاعم بترحيل أطفال قسريا من أوكرانيا إلى روسيا، وتنفي موسكو ارتكاب جرائم حرب بما في ذلك الترحيل القسري.
وتستضيف جنوب أفريقيا قمة مجموعة “بريكس” التي تضم البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا في آب/أغسطس المقبل، ومن المقرر قبلها، عقد اجتماع تحضيري يجمع وزراء خارجية هذه الدول، غداً الخميس.
وقالت وزارة الشؤون الخارجية بجنوب أفريقيا، الثلاثاء، إن السلطات “تصدر الحصانات خلال جميع المؤتمرات والقمم الدولية التي تعقد في جنوب أفريقيا، بغض النظر عن مستوى المشاركة”.
وأضافت أن “الحصانات التي تم إصدارها تخص المؤتمر بصفة عامة وليس أفراداً محددين”، مشيرة إلى أن الهدف من وراء الخطوة الأخيرة “حماية المؤتمر وحضوره من اختصاصات الدولة المضيفة طوال مدة انعقاده”.
وفي نيسان/أبريل، عيّن رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، لجنة وزارية برئاسة نائبه، بول ماشاتيل، للنظر في كيفية إضفاء صبغة قانونية على زيارة الرئيس الروسي، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتبحث الحكومة، بحسب الصحيفة، عن ثغرة في صياغة قانون روما الأساسي، الميثاق الذي تأسست على إثره المحكمة الجنائية الدولية، ما من شأنه أن يسمح لبوتين بالحضور دون أن تضطر جنوب أفريقيا إلى اعتقاله.
في هذا الجانب، ذكرت الصحيفة نقلاً عن خبراء في القانون الدولي أن صياغة المادة 98 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يتيح لجنوب أفريقيا دعوة بوتين لحضور القمة دون أن تخضع لأي التزام بإلقاء القبض عليه.
وتنص هذا المادة على أنه “لا يجوز للمحكمة أن توجه طلب تقديم أو مساعدة يقتضي من الدولة الموجه إليها الطلب أن تتصرف على نحو يتنافى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحصانات الدولة أو الحصانة الدبلوماسية لشخص أو ممتلكات تابعة لدولة ثالثة، ما لم تستطع المحكمة أن تحصل أولاً على تعاون تلك الدولة الثالثة من أجل التنازل عن الحصانة”.
وفي عام 2015، سمحت حكومة جنوب أفريقيا للرئيس السوداني آنذاك، عمر البشير، بمغادرة البلاد بعد أن زار بريتوريا لحضور قمة الاتحاد الأفريقي، على الرغم من مذكرتي التوقيف الصادرتين في حقه من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في دارفور، وفق ما نقلت بوليتيكو.
هل يحضر بوتين قمة بريكس؟
وفيما لم يتضح بعد ما إذا كان بوتين مستعداً لـ”إنقاذ جنوب أفريقيا من هذا المأزق الدبلوماسي” من خلال عدم الحضور شخصياً، أعلن الكرملين الثلاثاء، أن روسيا ستشارك بـ”المستوى المناسب”.
ومن المقرر بالفعل أن يحضر وزير الخارجية، سيرغي لافروف، الاجتماع التحضيري لقمة المجموعة التي ينظر إليها بأنها تكتل منافس لمجموعة الدول السبع.
وصعّدت روسيا مساعيها لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، وتخطط لعقد قمة أفريقية روسية في سان بطرسبرغ، في تموز/يوليو.
ومنذ بداية الحرب السنة الماضية، تبنّت جنوب أفريقيا موقفاً حيادياً في الصراع، ممتنعة عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة بشأن الحرب.
وفي شباط/فبراير من هذا العام، عقدت جنوب أفريقيا مناورات حربية بحرية مشتركة قبالة سواحلها مع الجيشين الروسي والصيني.
وأواسط شهر نيسان/أبريل الماضي، اتهم السفير الأميركي بجنوب أفريقيا، روبين بريغتي، الحكومة بتسليم أسلحة وذخيرة لسفينة شحن روسية خاضعة للعقوبات نهاية العام الماضي، وهي مزاعم تنفيها جنوب أفريقيا منذ ذلك الوقت.
وقالت مؤسسة الرئاسة في جنوب أفريقيا في بيان أول أمس الأحد، إن الرئيس سيريل رامابوزا، عيّن لجنة للتحقيق في المزاعم الأميركية.
وتسببت المزاعم في خلاف دبلوماسي بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا وروسيا، وجعلت موقف جنوب أفريقيا غير المنحاز في حرب أوكرانيا موضع تساؤل، بحسب رويترز.